۱۳۸۸ فروردین ۲۸, جمعه

استعاره

مصطلحات ادبية: الاستعارة

الاستعارة

شبكة النبأ: الاستعارات هي أشكال توصيل المعنى بالتشبيه أو بالشرح أو تفسير شيء وفقاً لشيء آخر (مثل "حبي وردة حمراء") كما أن التشبيهات توصيل تشبيه، أما التشبيه الضعيف فيستخدم أدوات التشبيه (ك) وكأن (like oras) (حبي كأنه وردة حمراء) ويعرف معنى ويتعلم الاستعارة والتشبيه في حصص الأدب حيث يوصف كل من الاستعارة والتشبيه كلغة مجازية وتفترض أن الاستعارات لا يتم استخدامها سوى للأغراض الشعرية أو الأدبية كما أنها تفترض أن الاستعارات ما هي إلا ظاهرة غير مهمة نسبياً، ويبرهن كل من جورج لاكوف georage lakoff ومارك جونسون mark Johnson (1980) على العكس حيث يرون أن الاستعارات مهمة في حياتنا.

"يعتقد معظم الناس أنهم بإمكانهم المضي قدماً في التعبير عما بداخلهم بدون الاستعارة، ولقد وجدنا على العكس أن الاستعارة أمر عام في الحياة اليومية ليس فقط في مجال اللغة بل في الفكر والآراء أيضاً فنظامنا الاستيعابي العادي (وفقاً للمعايير التي نفكر بها ونؤدي بها) يعد استعارياً بطبيعته".

فالمفاهيم التي تحكم فكرنا ليست أموراً عادلة للذكاء والفكر فهي تحكم أيضاً أداءنا اليومي حتى في أدق التفاصيل وتشكل مفاهيمنا حول ما نراه وكيف نسير في هذا العالم وكيف نرتبط بالآخرين وهكذا فإن نظامنا الاستيعابي يلعب دوراً رئيسياً في تعريف واقعيات حياتنا اليومية.

إذن تلعب الاستعارة دوراً بالغ الأهمية في الأسلوب الذي نفكر به ونعمم تفكيرنا وهي ليست مجرد وسيلة لغوية يستخدمها الشعراء وغيرهم من الكتاب لتعميم أنواع معينة من الاستجابات العاطفية بل إنها جزء أساسي من الأسلوب الذي يفكر به الإنسان ويتصل به.

ويناقش كل من lackoff وjohnson عدداً من الأنواع المختلفة للاستعارات من بينها ما يلي:

- الاستعارة التركيبية: والتي تشكل الطريقة التي نفكر بها ونرى بها ونؤدي بها.

الاستعارة التوجيهية: والتي تتناول الميل الاتساعي/ المكاني كما هو معكوس في التعارضات القطبية.

- الاستعارة الوجودية: والتي تفسر الحياة وفقاً للأشياء والمواد العامة.

وعادة ما نستخدم الأفعال بطريقة مستعارة كما سنرى فيما يلي على سبيل المثال:

The ship أي السفينة (كما لو كانت سكيناً أو هي سكين) Sliced in the wave الفعل slice بمعنى يشرح أو يقطع إلى شرائح (فتم في المثال تشبيه السفينة بالسكين) ويمكننا استبدال ذلك بأفعال أخرى مثل Raced سبقت أو Tore مزقت أو cut قطعت، وفي كل من هذه الحالات سيكون المعنى مختلفاً تماماً، إذن فالاستعارة ليست مقصورة على لغة مجازية نجدها في الشعر بل هو وسيلة لتقديم المعاني، وينطبق الأمر نفسه على الكناية.

متعلقات

الإستعارة(1)

قد عرفت انّ العلاقة في المجاز إن كانت غير التشبيه، سمي المجاز: بـ (المرسل) وإن كانت التشبيه سمي بـ: (الإستعارة) .

و (الإستعارة) في اللغة، بمعنى طلب الشيء عارية، يقال: (استعار الكتاب) أي طلبه عارية.

وفي الإصطلاح: بمعنى استعمال اللفظ في غير ما وضع له، بعلاقة المشابهة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، مع قرينة صارفة عن إرادة المعنى الاصلي، فإنك لو قلت: (رأيت أسداً يرمي) فقد استعملت (الاسد) بقرينة (يرمي) في (الرجل الشجاع) للمشابهة الواقعة بينهما في (الشجاعة) .

ولابدّ في (الاستعارة) من عدم ذكر وجه الشبه، ولا أداة التشبيه، بل اللازم ادعاء أن المشبه عين المشبّه به.

والحاصل: أن كل مجاز يبنى على التشبيه بدون الاداة ووجه الشبه يسمّى: (استعارة) .

أركان الإستعارة

للإستعارة أركان ثلاثة:

1 ـ المستعار منه، وهو المشبّه به.

2 ـ المستعار له، وهو المشبه، ويقال لهذين: (طرفا الإستعارة) .

3 ـ المستعار، وهو اللفظ المنقول.

ففي (رأيت أسداً يرمي) المستعار منه: الحيوان المفترس، والمستعار له: زيد، والمستعار: لفظ أسد.

أقسام الإستعارة

ثم إنّ )الإستعارة( تنقسم باعتبار ما يذكر من طرفي الإستعارة إلى ما يلي:

1 ـ أن يذكر في الكلام لفظ المشبه به فقط، ويسمّى: (استعارة تصريحية)، نحو: (فأمطرت لؤلؤاً من نرجس... ) فاللؤلؤ: الدمع، والنرجس: العين.

2 ـ أن يذكر في الكلام لفظ المشبه فقط، ويؤتى ببعض لوازم المشبه به. ويسمّى: (استعارة بالكناية) وسمي اللازم (استعارة تخييلية) كقوله: (وإذا المنية انشبت أظفارها) فإنه شبّه المنية بالسبع، وأثبت لها بعض لوازم السبع وهو الظفر، فالمنية: استعارة بالكناية، والأظفار: استعارة تخييلية.

ومنه يظهر: تلازم الإستعارة بالكناية مع الإستعارة التخييلية.

الاستعارة باعتبار المستعار له

تنقسم (الاستعارة) باعتبار (المستعار له) الى قسمين:

1 ـ الاستعارة التحقيقيّة: وهو ما كان المستعار له محققاً حسّاً: كالأسد المستعار للشجاع، أو عقلاً: كالصراط المستقيم المستعار للدين.

2 ـ الإستعارة التخييلية: وهو ما كان المستعار له موهوباً، غير محقق، لا عقلاً ولا حسّاً، كالاظفار المستعارة للمنية.

تنقسم (الإستعارة) باعتبار اللفظ المستعار إلى ثلاث أقسام:

1 ـ ما كان لفظ المستعار إسماً لذات: كالبدر للجميل، أو اسماً لمعنى: كالقتل للضرب الشديد، وتسمى الإستعارة (أصلية).

2 ـ ما كان لفظ المستعار فعلاً، أو اسم فعل، أو اسماً مشتقّاً، أو اسماً مبهماً، أو حرفاً، وتسمى الاستعارة: (تصريحية تبعية).

3 ـ ما كان لفظ المستعار اسماً مشتقّاً، أو اسماً مبهماً ، وتسمى هذه الاستعارة: (تبعية مكنية) وهذا داخل في القسم الثاني.

الإستعارة العنادية والوفاقية

ثم أن الاستعارة المصرحة تنقسم باعتبار الطرفين إلى قسمين:

1 ـ العنادية، وهي التي لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد، لتعاندهما، كاجتماع الهدى والضلال، والنور والظلام.

2 ـ الوفاقية، وهي التي يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد، لتوافقهما، كاجتماع النور والتقى، والحياة والهداية.

ومثال الاثنين: العنادية والوفاقية، قوله تعالى: (أو من كان مّيْتاً فأحييناه) أي: ضالاً فهديناه، فإنّ في هذه الآية استعارتين هما:

أ ‌- استعارة الموت للضلال لاشتراكهما في عدم الانتفاع، وهي عنادية لعدم امكان اجتماع الموت مع الضلال الذي لا يكون إلا في الحي لأنّ الضالّ حيّ.

ب ‌- استعارة الإحياء للهداية لاشتراكهما في ثبوت الانتفاع، وهي وفاقيّة لإمكان اجتماع الإحياء والهداية.

أقسام الاستعارة العنادية

ثمّ انّ الاستعارة العنادية على قسمين:

1 ـ التمليحية: بأن يستعمل اللّفظ الموضوع لمعنى شريف في ضدّه أو نقيضه، كقوله: (رأيت أسداً) وهو يريد: جباناً.

2 ـ التهكمية: بأن ينزّل التضاد منزلة التناسب، نحو قوله تعالى: (فبشِّرهم بعذاب أليم) أي: أنذرهم، فاستعيرت البشارة للإنذار الّذي هو ضدّه على سبيل التهكم والإستهزاء.

الإستعارة باعتبار الجامع

وتنقسم الإستعارة المصرحة باعتبار الجامع إلى قسمين:

1 ـ عامية، وهي المعلومة لدى كل أحد، نحو: (رأيت أسداً يرمي) والجامع بين الطرفين واضح وهي الشجاعة.

2 ـ خاصية، وهي التي تحتاج الى فكر وتأمّل، نحو:

غّمرُ الرداء إذا تبسّم ضاحكا غَلقـت لضحكته رقــابُ المال

والجامع بين الطرفين غير واضح يعرف بالتأمّل فيه وهي ساتريّة الكرم كالرداء عرض صاحبه.

الإستعارة باعتبار الملائمات

وتنقسم الإستعارة باعتبار ذكر ملائم المستعار منه أو ملائم المستعار له، وعدم ذكرها، إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ المطلقة، وهي مالم تقترن بما يلائم أحدهما، أو اقترنت بما يلائمهما معاً.

فالأول، نحو قوله تعالى: (ينقضون عهد الله) .

والثاني، نحو:

لدى أسد شاكي السلاح مقذّف لــه لــبدٌ أظفــاره لـــم تقلـــَّم

فشاكي السلاح للرجل، وله لبد ـ الخ ـ للأسد.

2 ـ المرشَّحة، وهي ما قرنت بملائم المستعار منه، نحو: (أسد له لبد أتاك..).

3 ـ المجرّدة، وهي ما قرنت بملائم المستعار له، نحو: (أسد شاكي السلاح..).

المجاز المركّب المرسل

تقدم أن المجاز إما مرسل وإما استعارة، وكل واحد منهما إما مفرد أو مركّب، وسبق الكلام حول المفرد منهما، وبقي المركّب منهما.

فالمجاز المرسل المركب: هو الكلام المستعمل في غير المعنى الموضوع له، لعلاقة غير المشابهة، ويقع في المركبات الخبرية والإنشائية، لأغراض أهمها:

1 ـ التحسّر، كقوله: (ذهب الصِّبا وتولّت الأيّامُ..) فإنه خبر أريد منه انشاء التحسّر على ما فات من شبابه.

2 ـ اظهار الضعف، قال تعالى: (ربّ إنّي وهن العظمُ منّي... ) اظهاراً للضعف.

3 ـ اظهار السرور، قال تعالى: (يا بُشرى هذا غلام) .

4 ـ الدعاء، كقوله: (هداك الله للسبيل السويّ) .

5 ـ اظهار عدم الإعتماد، قال تعالى: (هل آمنكم عليه إلاّ كما امنتكم على أخيه) .

المجاز المركب بالإستعارة

والمجاز المركّب بالإستعارة التمثيلية: هو الكلام المستعمل في غير معناه الموضوع له، لعلاقة المشابهة، كقولهم للمتردّد: (أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى) تشبيهاً بالمتردّد في السير، وقولهم لمن يريد أن يعمل ما لا يقدر عليه وحد: (اليد لا تصفّق وحدها) تشبيهاً له باليد الواحدة.

هذا في النثر، وفي الشعر أيضاً ورد ذلك نحو قوله:

إذا جاء موسى وألقى العصى فــقد بطل السحـر والساحــر

ونحو قوله:

متـى يبلغ البنيان يوماً تمامـه إذا كـنت تبنيه وغيـرك هادم

وإذا كثر استعمال الإستعارة التمثيليّة وشاع كان مثلاً، فلا يغيَّر مطلقاً، وإنما يخاطب به المفرد والمذكّر وفروعهما بلفظ واحد، دون أيّ تغيير.

أقسام الاستعارة وأنواعها(2)

لعل عبد القاهر الجرجاني (ت: 471ه‍) من أوائل من قسم الاستعارة إلى قسمين: مفيدة وغير مفيدة. فالمفيدة عنده ما كان لنقلها فائدة وهي مدة هذا الفن ومداره، وغير المفيدة ما لا يكون لها فائدة في النقل، وموضعها حيث يكون اختصاص الاسم بما وضع له من طريق أريد به التوسع في أوضاع اللغة.

وأشار أيضاً إلى أنها استعارة بالاسم تارة وبالفعل تارة أخرى ولمح إلى التصريحية منها والمكنية.

وكان هذا التقسيم مدار البحث البلاغي عند المتأخرين، حتى إذا تلاقفوا هذه التقسيمات، أضافوا إليها، وشققوها إلى أقسام أخر، تتجاوز العشرة من حيث وجوه الشبه وأدوات التشبيه وأطرافه، مما ذهب برونق الاستعارة التصويري، وبهائها الفني فعادت علماً جافاً لا ينبض بالحياة. ولا كبير أمر في ذكر جميع هذه الأقسام والدخول في تفصيلات تلك الأنواع، ولكننا سنعالج في حدود معينة أهم ما تواضعوا عليه ممثلاً له بما في كتاب الله تعالى من علائم وسمات ومصاديق:

1_ الاستعارة التصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:

(كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ...).

ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.

وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام.

2_ الاستعارة المكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به، أو المستعار منه، حتى عاد مختفياً إلا أنه مرموز له بذكر شيء من لوازمه دليلاً عليه بعد حذفه.

ومثال ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى:

(ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ...).

ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية (الغضب) بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة (سكت) استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.

وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:

(والصُّبح إذا تَنَفَسَ).

فالمستعار منه هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.

وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية نظرا فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة (تصريحية) وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة (مكنية).

وهذان النوعان أهم أقسام الاستعارة وعمدتها، وهناك تقسيم لها باعتبار لفظها إلى أصلية وتبعية:

3_ الاستعارة الأصلية، وهي ما كان اللفظ المستعار في الأسماء غير المشتقة، وهذا هو الأصل في الاستعارة، ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى:

(كِتابٌ أنزلنَاهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ من الظُّلماتِ إلى النُّورِ...).

فالاستعارة هنا في كلمتي: (الظلمات والنور) وكلاهما جامد غير مشتق، لأن المراد بهما جنس الظلمات وجنس النور.

4_ الاستعارة التبعية، وهي الاستعارة التي تقع في الفصل المشتق أو الاسم المشتق أو الصفة المشتقة، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:

(فأَذّاقها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخوفِ...)، فالمستعار هنا هو (اللباس) فقد شبه الجوع والخوف بشبح يرتدي لباس الفزع، ولما كان متلبساً به من كل جانب وملتصقاً بكيانه من كل جهة، عاد مما يتذوق مادياً وإن كان أمراً معنوياً، ثم أستعير اللفظ الدال على المشبه به وهو اللباس للمشبه وهو الجوع والخوف من لفظ مشتق وهو "اللبس".

وهناك تقسيم آخر باعتبار اللفظ المستعارة مطلقاً، إما أن يكون محققاً، وإما أن يكون متخيلاً، فبرزت استعارتان هما: التحقيقية والتخييلية.

5_ الاستعارة التحقيقية: وهي أن يذكر اللفظ المستعار مطلقاً بحيث يكون المستعار له أمراً محققاً يدرك في الفعل أو الحس، ومثاله قوله تعالى: (وآيةٌ لَهُمَ الّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهار...).

فإن الاستعارة هنا مفهومة، لأن المراد بالسلخ لغةً هو كشط الجلد، والمراد به هنا عقلاً هو إزالة الضوء، فالاستعارة محققة الوقوع عقلاً وحساً، لأن مفهوم لفظ السلخ بعد صرفه عن معناه الحقيقي لا يتجه إلا إلى إيضاح أمر المستعار وتجلية حقيقته.

6_ الاستعارة التخييلية: وهي أن يستعار لفظ دال على حقيقة خيالية تقدر في الوهم، ثم تردف بذكر المستعار له إيضاحاً لها أو تعريفاً لحالها.

ومثال ذلك من القرآن الكريم كل الآيات التي يتوهم منها التشبيه، أو يتخيل فيها التجسيم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

فقوله تعالى: (بَل يَداهُ مَبسُوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء...).

وقوله تعالى: (ويَبقى وَجهُ رَبّكَ...).

وقوله تعالى: (خَلَقتُ بيديَّ...).

كلها استعارات تخييلية، إذ تخيل اليد والوجه بالنسبة إليه تعالى إنما يصح على جهة الاستعارة لا الاستعمال الحقيقي.

ويبدو مما تقدم أن الاستعارة في البيان العربي صيغة من صيغ الشكل الفني في استعمالاته البلاغية الكبرى، تحمل النص ما لا يبدو من ظاهر اللفظ، أو بدائي المعنى، وإنما تؤلف بين هذا وهذا في عملية إبداع جديدة تضفي على اللفظ إطار المرونة والنقل والتوسع، وتضيف إلى المعنى مميزات خاصة نتيجة لهذا النقل الذي قد دل على معنى آخر، لا يتأتى من اللفظ خلال واقعه اللغوي.

فالاستعارة بهذا تنتقل بالنص من الجمود اللفظي المحدد إلى السيرورة في التعبير، والمثلية الذائعة في الاستعمال.

وقد ثبت دون ريب _من خلال نماذج البحث _ أن استعارات القرآن الكريم لألفاظه وكلماته، ركن من أركان البلاغة العربية المتطورة، تصقل الشكل، وتضيء الهيكل العام، ولا تستعمل فيه بوصفها استعارة فحسب، بل لأنها أسلوب مشرق من أساليب الصور الفنية التي تجمع إلى جنب العمق في نقل اللفظ وإضافة المعنى _ الحس والحياة في النص الأدبي.

محاضرات في علم البلاغة(3)

الاستعارة

الاستعارة: هي استعمال لفظ المشبه به للتعبير عن المشبه مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المشبه به، (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).

إجراء الاستعارة: يقصد بإجراء الاستعارة تحليلها إلى عناصرها الأساسية، بتمييز كل من المشبه والمشبه به وبيان علاقة المشابهة، ونوع الاستعارة، وبيان نوع القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي. ففي المثال السابق تجرى الاستعارة على النحو التالي: شبه الكفر بالظلمات بجامع انعدام الهداية، وشبه الإيمان بالنور بجامع الاهتداء، ثم حذف المشبه، الكفر والإيمان، وأبقى بدلهما المشبه به، الظلمات والنور، على سبيل الاستعارة التصريحية (انظر تحت)، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي هي القرينة الحالية.

أقسام الاستعارة باعتبار ذكر أحد طرفي التشبيه: تنقسم إلى:

(أ) استعارة تصريحية: وهي ما صرح فيها بذكر لفظ المشبه به (المستعار منه)، وحذف لفظ المشبه (المستعار له)، نحو: (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، فقد شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، بجامع عدم الهداية في الأول، ووجود الهداية في الثاني، وحذف المشبه (الكفر والإيمان) وأبقى بدله المشبه به (الظلمات والنور).

قال المتنبي مخاطبا ممدوحه وقد قابله:

لم أرَ قبلي من مشى البحر نحوه ولا رجلا قامت تعانقه الاُسْدُ

لقد شبهه أولا بالبحر بجامع العطاء والجود، وشبهه ثانيا بالأسد على سبيل الاستعارة التصريحية، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل (مشى) إلى (البحر)، وإسناد الفعل (عانق) إلى (الأسد).

(ب) استعارة مكنية: وهي ما ذكر فيها لفظ المشبه وحذف منها لفظ المشبه به وأبقي شيء من لوازمه، نحو: (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ)، شبه الغضب بإنسان ثم حذف المشبه به وأبقى شيئا من خصائصه، هو السكوت على سبيل الاستعارة المكنية، وقرينتها المانعة من إرادة المعنى الحقيقي هو إسناد الفعل (سكت) إلى لفظ (الغضب). وقال ابو ذؤيب الهذلي:

وإذا المنية انشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفعُ

شبه المنية بحيوان مفترس بجامع الإهلاك وحذف المشبه به (الحيوان المفترس) وأبقى شيئا من لوازمه وهو (الأظفار)، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل (أنشب) إلى لفظ (المنية). وقال الشاعر:

لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى

تقسيم الاستعارة باعتبار ذكر ما يلائم أحد طرفيها:

الاستعارة المطلقة: وهي التي لم تقترن بصفة تلائم المشبه أو المشبه به، نحو: قول الشاعر:

قومٌ إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم طاروا إليهِ زُرافات ووِحْدانا

شبه الشر بحيوان مفترس وحذف لفظ المشبه به وأبقى لفظ (ناجذيه) دليلا عليه، ولم يذكر مع طرفي الاستعارة ما يلائم أيّاً منهما. ومن أمثلتها قول أعرابي في ذم الخمر "لا أشرب ما يشرب عقلي."

الاستعارة المرشحة: وهي التي يذكر معها ما يلائم المشبه به، وسميت مرشحة لأن فيها تقوية للاستعارة بسبب ألفاظ الترشيح التي تزيد التعبير تأكيدا على أن المشبه من جنس المشبه به، في نحو: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ) شبه الاختيار بالشراء وحذف المشبه وأبقى المشبه به وذكر ما يلائمه وهو (ربحت تجارتهم). وقال الشاعر:

إذا مالدهر جرّ على أناس كلاكلَه أناخ بآخرينا

شبه الدهر بجمل بجامع الثقل وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية وذكر في الاستعارة ما يلائم المشبه به وهو لفظ "أناخ".

الاستعارة المجردة: وهي ما ذكر معها ما يلائم المشبه، نحو:

يؤدون التحية من بعيد إلى قمر منَ الإيوان بادِ

شبه الممدوح بقمر وذكر معه ما يلائم المشبه وهو لفظ (من الإيوان).

وقد يجتمع الترشيح والتجريد في استعارة واحدة كما في قول الشاعر:

رمتني بسهمٍ ريشُه الكُحلُ لم يضِرْ ظواهر جلدي وهو للقلب جارحُ

شبه الطرف بسهم وذكر مع المشبه به ما يلائمه وهو (الريش) وذكر مع المشبه ما يلائمه وهو (الكحل).

ومن أنواع الاستعارات أيضا:

الاستعارة التمثيلية: وهي ما كان المستعار له (المشبه به) تركيبا لا لفظا مفردا كما مر معنا في الاستعارة التصريحية والاستعارة المكنية، ومن أمثلتها: (أيُحِبُّ أحدُكُم أنْ يأكلَ لحمَ أخيهِ ميْتاً فكرهتمُوه)، فقد شبهت حال من تناول عرض رجل من أصحابه بالغيبة كحال من شرع في أكل لحم أخيه الميت، بجامع الشناعة والفضاعة المتعلقة في هذين الفعلين.

الاستعارة التهكمية: هي ما نُزّل فيها التضاد منزلة التناسب لأجل التهكم والاستهزاء، نحو: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) استعير التبشير (وهو الإخبار بما يسر) للإنذار وهو الإخبار بما يسوء لغرض السخرية. وقال قوم شعيب له على سبيل السخرية: (يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ). شبهوا السفه والغيّ (الذي ظنوه به جهلا) حلما ورشدا.

تعريف الاستعارة(4)

1- المقاربة اللّغوية:

الاستعارة رفع الشيء من مكان إلى آخر، ومن المعنى استعار فلان سهما من كنانته:أي رفعه وحوّله منها إلى يده.

وعليه يستفاد من معنى الاستعارة الانتفاع،فيفهم ضمنا أنّ عملية الاستعارة لا تتمّ إلاّ بين متعارفين بينهما صلة.

يقول ابن الأثير:

<< الأصل في الاستعارة المجازية مأخوذ من العارية الحقيقية وهي ضرب من المعاملة:وهي أن يستعير بعض النّاس من بعض شيئا من الأشياء ،ولا يقع ذلك إلاّ من شخصين بينهما سبب معرفة>>.

2- المقاربة البلاغية:

1- عند الجاحظ:<< هي تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه>>.

2- ابن المعتز:<< ...إنّما هو استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء عرف بها مثل أمّ الكتاب، ومثل جناح الذّل، ومثل قول القائل<< الفكرة مخّ العمل>> فلو كان قال لبّ العمل لم يكن بديعا>>.

3- قدامة بن جعفر:<< وأمّا الاستعارة فإنّما احتيج إليها في كلام العرب لأنّ ألفاظهم أكثر من معانيهم، وليس هذا في لسان غير لسانهم...فهم يعبّرون عن المعنى الواحد بعبارات كثيرة ربّما كانت مفردة له،وربّما مشتركة بينه وبين غيره،وربّما استعاروا بعض ذلك في موضع بعض على التوسّع والمجاز>>.

4- القاضي الجرجاني:<< فأمّا الاستعارة فهي أحد أعمدة الكلام،وعليها المعوّل في التوسّع والتصرّف،وبها يتوصل إلى تزيين اللفظ، وتحسين نظم النثر>>.

5- أبو الحسن الرّماني:<< الاستعارة استعمال العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللّغة>>.

6- الآمدي:<< هي استعارة المعنى لما ليس له إذا كان يقاربه أو يدانيه أو يشبههه في بعض أحواله أو كان سببا من أسبابه>>.

7- أبو هلال العسكري: << الاستعارة نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللّغة إلى غيره لغرض>>.

8- عبد القاهر الجرجاني << الاستعارة في الجملة أن يكون اللّفظ الأصل في الوضع اللّغوي معروفا تدلّ الشواهد على أنّه اختص به حين وضع،ثمّ يستعمله الشاعر أو غير الشاعر في غير ذلك الأصل،وينقله إليه نقلا غير لازم فيكون هناك كالعارية>>

- السكاكي:<< الاستعارة أن تذكر أحد طرفي التشبيه وتريد به الطرف الآخر مدّعيا دخول المشبّه في جنس المشبه به >>

-10 ضياء الدين بن الأثير:<< الاستعارة هي طيّ ذكر المستعار له الذي هو المنقول إليه،والاكتفاء بذكر المستعار الذي هو المنقول>>

-11 الخطيب القزويني:<< الاستعارة مجاز علاقته تشبيه معناه بما وضع له>>

الاستعارة من المجاز اللّغوي، وهي تشبيه حذف أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائما، وهي قسمان:

1- الاستعارة التصريحية:

وهي ما صرّح فيها بلفظ المشبّه به.

2- الاستعارة المكنية:

وهي ماحذف فيها المشبّه به ورمز له بشيئ من لوازمه.

نماذج:

1- قال المتنبيّ يصف دخول رسول الروم على سيف الدولة:

وأقبل يمشي في البساط فما درى *** إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي

شبّه سيف الدولة مرّة بالبحر في العطاء، ومرّة بالبدر في الرّفعة، وحذف المشبّه، ليصرّح بالمشبّه به، وبذا فالاستعارة هنا تصريحية.

2- قال تعالى: << ربِّ إِنّي وهُن العظم منّي واشتعل الرّأس شيبا>>.

شبّه الرّأس بالوقود، ثمّ حذف المشبّه به، ورمز إليه بشيئ من لوازمه وهو لفظة اشتعل ،والقرينة إثبات الاشتعال للرّأس، وبذا فالاستعارة مكنية.

3- بلاغة الاستعارة:

يعود سرّ الجمال في الاستعارة إلى أكثر من ناحية:

1- القدرة على نقل المعاني المجرّدة، والمشاعر النفسية المرهفة، إلى صور حسية نابضة.

2- بثّ الحيوية في الصورة، في أداء موجز لا إطالة فيه ولا إطناب، مع دقّة في اختيار الألفاظ الحسنة المناسبة.

3- القدرة على الإيحاء والتأثير.

وخلاصة فإنّ القوّة في الاستعارة تتلخّص في: التصوير، والحيوية، الإيجاز، حسن اختيار اللّفظ، مع شيئ من المبالغة المقبولة إذا كان الشعور صادقا.

أقسام الاستعارة(5)

تقسم الاستعارة باعتبار ذاتها إلى حقيقية وخيالية، وباعتبار لفظها إلى أصلية وتبعية، وباعتبار طرفيها إلى تصريحية ومكنية، وباعتبار لازمها إلى مجردة وموشحة ومطلقة، وباعتبار حكمها إلى حسنة وقبيحة، وباعتبار كيفية استعمالها إلى استعارة محسوس لمحسوس، أو معقول لمعقول، أو محسوس لمعقول، أو معقول لمحسوس.

1- الاستعارة باعتبار ذاتها:

قد تقيد – كما يقول القزويني -: " بالتحقيقية، لتحقق معناها حساً أو عقلاً أي: التي تتناول أمراً معلوماً يمكن أن ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية، فيقال: إن اللفظ نقل من مسماه الأصلي فجعل اسماً له على سبيل الإعارة للمبالغة في التشبيه، أما الحسي فكقولك: " رأيت أسداً" وأنت تريد رجلاً شجاعاً، وأما العقلي فكقولك " أبديت نوراً" وأنت تريد " حجة" فإن الحجة مما يدرك بالعقل ومن غير وساطع حس، إذ المفهوم من الألفاظ هو الذي ينور القلب ويكشف عن الحق لا الألفاظ أنفسها، وعليه قوله عز وجل: ] اهدنا الصراط المستقيم[ أي: الدين الحق، ولم يبن لي كبير فرق بين الاستعارة المكنية والتخيلية من كلامه، واللازم المذكور في بيت أبي ذؤيب ترشيح، وفرق صاحب الطراز بينهما " بأن ما كان من الاستعارات لا يفهم منه معنى التشبيه لا على قرب ولا على بعد كقوله:

أثمرت أغصان راحته = لجناة الحسن عنابــا

فهو محقق لا يفهم منه معنى التشبيه بحال، ولو ذهبت التشبيه أخرجته عن حقيقة البلاغة، وسلبت عنه ثوب جمالها، وما كان يفهم منه معنى التشبيه الذي لا يدرك في الوجود ويكون متصوراً في الخيال فهذه هي الاستعارة الخيالية كقوله تعالى ] بل يداه مبسوطتان[ ، وجميع آيات التشبيه كلها من باب الاستعارة الخيالية.

2- الاستعارة باعتبار لفظها:

تنقسم الاستعارة باعتبار لفظها إلى قسمين: أصلية وتبعية، فالاستعارة الأصلية: هي ما كان اللفظ المستعار أو اللفظ الذي جرت فيه إسما جامدا غير مشتق، مثل قوله تعالى: ) ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس( ، وقوله:) وإنه في أم الكتاب(، وقوله: ) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وكلمة " يهيمون " استعارة تبعية لأنها مشتقة من الهيمان، إذ التبعية: ما كان اللفظ المستعار فيها أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسما مشتقا أو فعلا، مثل قوله تعالى: ) ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح( [8] فقد شبه انتهاء الغضب بالسكوت بجامع السكون في كل منهما ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو السكوت للمشبه وهو انتهاء الغضب ثم اشتق من السكوت بمعنى انتهاء الغضب سكت بمعنى انتهى.

3- الاستعارة باعتبار طرفيها:

إن كان المحذوف من طرفي التشبيه ( المشبه) والمصرح به هو لفظ ( المشبه به ) كانت الاستعارة ( استعارة تصريحية ) مثالها قول الله تعالى: ) كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فقد شبه الضلال في الآية بالظلمات بجامع عدم الاهتداء في كل ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو الظلمات للمشبه وهو الضلال على سبيل الاستعارة التصريحية، وكذلك شبه الاهتداء والإيمان بالنور بجامع وضوح المعالم والدلائل في كل ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو النور للمشبه وهو الهدى على سبيل الاستعارة التصريحية والقرينة حالية في الاستعارتين والعلاقة المشابهة، أما إن كان المحذوف في الاستعارة هو لفظ (المشبه به) وقد رمز إليه بشئ من لوازمه كانت الاستعارة (استعارة مكنية) ومنها قوله عز وجل ــ على لسان زكريا عليه السلام: (( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا)) حيث شبه الرأس بالوقود ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشئ من لوازمه وهو (اشتعل) على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة إثبات الاشتعال للرأس.

4- الاستعارة باعتبار لازمها:

يقسمها البلاغيون بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:

أ ــ إستعارة مرشحة: وهي ما ذكر مع الاستعارة ملائم للمشبه به مثل قوله تعالى: ) اشتروا الضلالة بالهدى( ثم قال على إثره: ) فما ربحت تجارتهم فلما استعار لفظ الشراء عقبه بذكر لازمه وحكمه وهو الربح ترشيحا.

ب ــ إستعارة مجردة: وهي فيما إذا ذكر مع الاستعارة ملائم للمشبه وفسرها الامام ابن القيم بقوله: (( أن تنظر إلى المستعار من غير نظر إلى غيره كقوله تعالى: ) فأذاقها الله لباس الجوع والخوف وكقول زهير:

لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذّفٍ

لو نظر إلى المستعار منه لقال: فكساهم لباس الجوع، ولقال زهير: لدر أسدٍ وافي المخالب أو وافي البراثن)) .

جــ ــ استعارة مطلقة: وهي قسمان:

الأول: ما خلت من ملائمات المشبه والمشبه به كقوله: ] إنا لما طغى الماء الماء حملناكم في الجارية[ .

الثاني: ما ذكر معها ما يلائم المشبه والمشبه به معاً كقول كثير:

رمتني بسهم ريشه الكحل لم يضر= ظواهر جلدي وهو للجسم جارحُ

فقد استعار السهم للطرف بجامع التأثر من كل، والريش من ملائمات المشبه به، والكحل من ملائمات المشبه.

5 - الاستعارة باعتبار حكمها:

تنقسم الاستعارة باعتبار حكمها إلى حسنة وقبيحة وقد سبق إلى هذا التقسيم قدامة في: نقد الشعر" وتابعه عبدالقاهر في تقسيمه لها إلى مفيدة وغير مفيدة، وجميع استعارات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف حسنة مفيدة كقوله عز وجل: ] لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا، وقوله: ] وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة[ حيث جعل إزالة الليل عن مكانه محواً له، ومن الاستعارات القبيحة

قول أبي تمام:

ما زال يهذي بالمكارم والعلا = حتى ظننا أنه محموم

وقول أبي نواس:

بُـــحّ صوت المال مما = منك يشكو ويصيح

وقوله – أيضاً: ما لرجل المال أضحت = تشتكي منها الكلالا

وقول الآخر: أيا من رمى قلبي بسهم فأولجا

6- الاستعارة باعتبار الاستعمال:

تجرى الاستعارة في استعمالها على أربعة أوجه:

- استعارة محسوس لمحسوس: كقوله تعالى: ] وآية لهم الليل نسلخ منه النهار)، فالمستعر له خروج النهار من ظلمة الليل، والمستعار منه ظهور المسلوخ من جلدته، والجامع شدة الاتصال والالتصاق في كلٍ.

- استعارة معقول لمعقول، كقوله سبحانه: ] من بعثنا من مرقدنا [ استعار الرقاد للموت، وهما أمران معقولان، والجامع عدم ظهور الأفعال، وقوله عز وجل: ] ولما سكت عن موسى الغضب[ والسكوت والزوال أمران معقولان.

- استعارة محسوس لمعقول: كقوله جل شأنه: ] فاصدع بما تؤمر[ فإن المستعار منه صدع الزجاجة – أي كسرها – وهو حسي، والمستعار له تبليغ الرسالة والجامع لهما التأثير.

- استعارة معقول لمحسوس كقوله جل شأنه: ] أنا لما طغى الماء[ فإن المستعار له كثرة الماء وهو حسي، والمستعار منه التكبر، والجامع الاستعلاء المفرط.

- الاستعارة التمثيلية:

يقسم البلاغيون الاستعارة من حيث الإفراد والتركيب إلى قسمين:

- استعارة مفردة: وهي ما كان المستعار فيها لفظاً مفرداً كما هو الشأن في الاستعارات السابقة.

- استعارة مركبة: وهي ما كان المستعار فيها تركيباً، ويطلقون على هذا القسم: " استعارة تمثيلية"، ويريدون بها: كل تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، أو هي مجاز مركب علاقته المشابهة مثل قوله تعالى: ] قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليه السقف من فوقهم فقد شبه الله عز وجل حال أولئك الماكرين بحال قوم بنوا بنياناً شديد الدعائم فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم فأهلكهم، واستعير التركيب الدال على حال المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينة حالية، وكذا قوله عز وجل: ] واخفض لهما جناح الذل من الرحمة على رأي بعض البلاغين.

" ومتى اشتهرت الاستعارة التمثيلية وكثر استعمالها صارت مثلاً، والأمثال لا تغير فلا يلتفت فيه إلى مضاربها إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً بل يشبه المثل بمورده فينقل لفظه كما هو بلا تصرف، فنقول لرجال ضيعوا الفرصة على أنفسهم ثم جاءوا يطلبونها: " الصيفَ ضيعتِ اللبن" بتاء مكسورة لأنه في الأصل خطاب لامرأة"

ـــ تنبيهات حول الاستعارة:

أ ــ لا بد في الاستعارة من وجود ملائمة بين المستعار والمستعار له فإنها مطلوبة وبها يعرف حسن الاستعارة من قبحها، ولهذا عيب على المتنبي قوله:

شرف ينطح النجوم بقرينه

ب ــ كثير من قدماء البلاغيين لا يفرقون بين التشبيه المضمر الأداة وبين الاستعارة فيجعلونه ضمنها، ولكنّ التشبيه البليغ لا يعدو أن يكون مقربا لحقيقة إلى حقيقة أخرى تتفوق في صفة من الصفات لأجلها كان تقريب الشقة بين الحقيقتين، بينما أسلوب الاستعارة من مثل "رأيت أسدًا " فيه تخييل في الادعاء والمبالغة أقوى من التخييل في مثل: " زيد أسد " وفيه جعل الحقيقة حقيقة أخرى.

جــ ــ يتعمق بعض البلاغين في تفصيل الاستعارة التبعية فيدخل مع المشتقات الفعل والحرف والضمائر وأسماء الإشارة والاسم الموصول، والمراد بالاستعارة في الأفعال والصفات المشتقة منها مصادرها، وفي الحرف متعلقات معانيها.

ــ بلاغة المجاز:

المجاز فن في القول له عذوبة وسلاسة وجمال، لا تدانيه الحقيقة لطفاً وخفة "بل هو أكثر منها بلاغة في الوصف"، وأوجز لفظا في العبارة، فإن قولك: رأيت أسدًا يرمي، أبلغ وصفا من قولك: رأيت رجلا ً يرمي، وأوجز لفظا من قولك: رأيت رجلا بالغا في الشجاعة مبلغ الأسد، وكذلك فالمجاز يتوصل إلى المحسنات البديعية من نحو السجع والمطابقة والمجانسة، أما السجع فنحو أن تقول: لقيت أسدًا شاكي السلاح فتعاطينا الرماح، وأما المطابقة ــ وهي الجمع بين شيئين متضادين ــ نحو (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) ، وأما المجانسة ــ وهي تشابه الكلمتين لفظا واختلافهما معنى فكقول الشاعر:

إلى حتفي سعى قدمي = أرى قدمي أراق دمي

ـــ وأيضا ـــ بالمجاز يحصل التلطف في الكلام بخلاف الحقيقة وذلك نجو: استعارة بحر من المسك موجه الذهب لفحم فيه جمر موقد، فيفيد لذة تخيلية وزيادة شوق إلى إدراك معناه، فيوجب سرعة التفهم بخلاف قولك: فحم عليه جمر، ومثل ذلك إطلاق الجزء مع إرادة الكل في المجاز المرسل إذا ما قلت: " فلان فم" تريد أنه شره يلتقم كل شئ، وبالمجاز ــ أيضا ــ يتيسر إختراع المعاني اللطيفة من تعظيم وتحقير وترغيب وتنفير، فالتعظيم كاستعارة (أبي سعيد) لرجل عالم فإنه يدل على كثرة علمه فيحصل تعظيمه بذلك، والتحقير كاستعارة (الهمج) ــ وهو صغار الذباب ــ للجهال من الناس، والترغيب كاستعارة (ماء الحياة) لشئ من المشروبات، والتنفير كاستعارة (السمّ) لشئ من المطعومات، وقد يكون لفظ الحقيقة وحشيًا تمجه الاسماع كالخنفقيق فيعدل عنه إلى المجاز لعذوبته فيعبر عنه بلفظ الداهية، وقد يكون التلفظ بالحقيقة مستسمجًا يكرهه السامع فيعدل عنها إلى المجاز لنزاهته وذلك نحو قوله تعالى:) لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن( فإن في قوله:) ما لم تمسوهن( نزاهة لم تكن في قول القائل: ما لم تولجوا الذكر في الفرج.

ـــ تنبيهات هامة:

أ ــ صرح بعض العلماء بأن حذف المضاف ليس من المجاز، لأن المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له أولا، والكلمة المحذوفة ليست كذلك، فالمثال الذي يذكرون بأنه من مجاز المحذوف وهو سؤال أهل القرية يندرج تحت المجاز العقلي، وكذا باقي المحذوفات قد يترتب عليها مجاز ولكنه مجاز مندرج تحت نوع من أنواع المجاز المعروفة لا مجاز قائم بنفسه، وكذلك لا مجاز بالزيادة في القرآن الكريم، والزيادات القرآنية التي ذكروها ومنها كاف "كمثل" أن لو حظت زيادتها في الألفاظ فهي ليست بزائدة في المعنى عند التحقيق.

ب ــ يتجوز بالحروف بعضها عن بعض وأقرب قوله تعالى: ) ولأصلبنكم في جذوع النخل( فإن الصلب مستعمل في موضوعه الأصلي وكذلك جذوع النخل، ولم يقع المجاز إلا في حرف ( في ) فإنها للظرفية في الأصل وجاءت هنا بمعنى (على) فقد خرجت عن الظرفية، وتستعمل (على) حقيقة في الاستعلاء كقوله تعالى:) وعليها وعلى الفلك تحملون( ، ومجازية في مثل قوله عز وجل:) ولهم على ذنب( ، وقوله:) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض( ، وقال الإمام السالمي ـ رحمة الله عليه ـ :(( تنقسم الحروف المعنوية إلى مجاز وإلى حقيقة كانقسام سائر الكلم العربية... مثال ذلك أن الواو حقيقة في مطلق الجمع مجاز في الحال، والفاء حقيقة في التعقيب مجاز في التراخي وفي مطلق الجمع، وثم حقيقة في التراخي مجاز في التعقيب وفي مطلق الجمع أيضا ... وهكذا)) .

جـ ـ قال الإمام الغزالي: (( واعلم أن كل مجاز فله حقيقة وليس من ضرورة كل حقيقة يكون لها مجاز بل ضربان من الأسماء لا يدخلها المجاز:

الأول: أسماء الأعلام نحو: زيد وعمرو لأنها أسام وضعت للفرق بين الذوات لا للفرق في الصفات.

الثاني:الأسماء التي منها ولا أبعد كالمعلوم والمجهول والمدلول والمذكور إذ شئ إلا وهو حقيقة فيه فكيف يكون مجازا عن شئ)) .

من روائع الاستعارة في القرآن الكريم(6)

قال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) (يّـس:37)

استعير في الآية الكريمة : " السلخ " وهو كشط الجلد عن الشاة ونحوها لإزالة ضوء النهار عن الكون قليلاً قليلاً، بجامع ما يترتب على كل منهما من ظهور شيء كان خافياً، فبكشط الجلد يظهر لحم الشاة، وبغروب الشمس تظهر الظلمة التي هي الأصل والنور طاريء عليها، يسترها بضوئه . و هذا التعبير الفني يسميه علماء البلاغة " الاستعارة التصريحية التبعية " .

استعارة رائعة وجملية، إنها بنظمها الفريد وبإيحائها وظلها وجرسها قد رسمت منظر بديعاً للضوء وهو ينحسر عن الكون قليلاً قليلاً وللظلام وهو يدب إليه في بطء .

إنها قد خلعت على الضوء والظلام الحياة، حتى صارا كأنهما جيشان يقتتلان، قد أنهزم أحدهما فولى هارباً، وترك مكانه للآخر .

تأمل اللفظة المستعارة وهي " نسلخ " إن هذه الكلمة هي التي قد استقلت بالتصوير والتعبير داخل نظم الآية المعجز فهل يصلح مكانها غيرها ؟

قال تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (التكوير:18) استعير في الآية الكريمة خروج النفس شيئاً فشيئاً لخروج النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلاً قليلاً بمعنى النفس ، تنفس بمعنى خرج النور من المشرق عند انشقاق الفجر .

استعارة قد بلغت من الحسن أقصاه، وتربعت على عرش الجمال بنظمها الفريد، إنها قد خلعت على الصبح الحياة حتى لقد صار كائنا حيا يتنفس، بل إنساناً ذا عواطف وخلجات نفسية، تشرق الحياة بإشراق من ثغره المنفرج عن ابتسامة وديعة، وهو يتنفس بهدوء، فتتنفس معه الحياة، ويدب النشاط في الأحياء على وجه الأرض والسماء، أرأيت أعجب من هذا التصوير، ولا أمتع من هذا التعبير؟

ثم تأمل اللفظة المستعارة وهي " تنفس " أنها بصوتها الجميل وظلها الظليل، وجرسها الساحر قد رسمت هذه الصورة البديعة في إطار نظم الآية المعجزة، فهل من ألفاظ اللغة العربية على كثرتها يؤدي ما أدته، ويصور ما صورته ؟

قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة:11) .

استعير في الآية الكريمة " الطغيان " للأكثر الماء بجامع الخروج عن حد الاعتدال والاستعارة المفرط في كل منها .

ثم اشتق من الطغيان : " طغى " بمعنى كثر .

استعارة فريدة لا توجد في غير القرآن إنها تصور لك الماء إذا كثر وفار واضطرب بالطاغية الذي جاوز حده، وأفرط في استعلائه . أرأيت أعجب من هذا التصوير الذي يخلع على الماء صفات الإنسان الآدمي ؟ ثم تأمل اللفظة المستعارة " طغى " إنها بصوتها وظلها وجرسها إيحائها قد استقلت برسم هذه الصورة الساحرة في إطار نظم الآية المعجز .

قال تعالى : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر:94).

استعير في الآية الكريمة :" الصدع " وهو كسر الزجاج للتبليغ بجامع التأثير في كل منهما أما في التبليغ فلأن المبلغ قد أثر في الأمور المبلغة ببيانها بحيث لا تعود إلى حالتها الأولى من الخفاء، وأما في الكسر فلأن فيه تأثير لا يعود المكسور معه إلى الإلتئامه .

ثم اشتق من الصدع معنى التبليغ اصدع بمعنى بلغ، استعارة رائعة وجميلة إنها تبرز لك ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في صورة مادة يشق بها ويصدع . إنها تبرز لك المعنى المعقول في صورة حسية متحركة كأنها كأنك تراها بعينك وتلمسها بيدك . تأمل اللفظة المستعارة " اصدع " إنها بصورتها وجرسها وإيحائها قد استقلت برسم هذه الصورة الفردية المؤثرة إذ أن من يقرأها يخيل إليها أنه يسمع حركة هذه المادة المصدوعة تخيل لو استبدلت كلمة " اصدع " بكلمة " بلغ" ألا تحس أن عنصر التأثير قد تضاءل وأن الصورة الحية المتحركة قد اختفت وأن المعنى قد أصبح شاحباً باهتاً؟

إن اللفظة المستعارة هي التي رسمت هذه الصورة في إطار نظم الآية المعجزة .

قال تعالى : (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً) (الكهف:99) .

استعير في الآية الكريمة الموج " حركة الماء" للدفع الشديد بجامع سرعة الاضطراب وتتابعه في الكثرة ثم اشتق من الموج بمعنى الدفع الشديد" يموج " بمعنى يدفع بشدة .

إن هذه الاستعارة القرآنية الرائعة تصور للخيال هذا الجمع الحاشد من الناس احتشاداً لا تدرك العين مداه حتى صار هذا الحشد الزاخر كبحر ترى العين منه ما تراه من البحر الزاخر من حركة وتموج واضطراب . تأمل اللفظة المستعارة أنها في إطار نظم الآية المعجزة قد استقلت برسم هذا المشهد الفريد بصوتها وجرسها وإيحائها .

قال تعالى :(الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (ابراهيم:1) .

استعير في الآية الكريمة الظلمات للضلال بجامع عدم الاهتداء في كل منها .. واستعير النور بجامع الاهتداء في كل منها . وهذا المسلك الأدبي يسميه علماء البلاغة " الاستعارة التصريحة الأصلية ".

هذه الاستعارة الفردية تجعل الهدى والضلال يستحيلان نوراً وظلمة . إنها تبرز المعاني المعقولة الخفية في صورة محسوسة، حية متحركة كأن العين تراها واليد تلمسها .

تأمل كلمة " الظلمات " إنها تصور لك بظلامها الضلال ليلاً دامساً يطمس معالم الطريق أمام الضلال فلا يهتدي إلى الحق ثم تأمل الدقة القرآنية في جمع " الظلمات " أنه يصور لك إلى أي مدى ينبهم الطريق أمام الضلال فلا يهتدون إلى الحق وسط هذا الظلام المتراكم .

ثم تأمل كلمة " النور " أنها بنورها تصور لك الهداية مصباحاً منيراً ينير جوانب العقل والقلب ويوضح معالم الطريق أمام المهتدي فيصل في سهولة ويسر إلى الحق فينتفع به فيطمئن قلبه وتسكن نفسه ويحظى بالسعادة في دنياه وأخراه .

الاستعارة: مقاربة ادراكية(7)

لقد احتلت دراسة الاستعارة و منذ القدم مكانا بارزا في الدراسة البلاغية و الادبية ، و هناك العديد من المقاربات لللاستعارة و جميعها تحاول الاجابة عن السؤال: هل ان الاستعارة مجرد زخرف لفظي مضاف للمعنى ام هي جزء لا يتجزأ من المعنى؟ حاول الدارسون و منذ ارسطو تقديم اجابة من نوع معين لهذا السؤال ، لقد تبنى ارسطو رؤية مزدوجة و ذلك حين عد الاستعارة زخرفا للمعنى اما كوليرج فقد تبنى رؤية احادية في عدم قابلية ترجمة الاستعارة و ذلك انها تؤسس العالم و هناك دراسات ريتشاردز و بول ريكوار و ماكس بلاك.

اما المناهج الادراكية في دراسة الاستعارة فقد بدأت بكتاب مهم صدر عام 1980 لكل من لاكوف و جونسون و هو بعنوان (الاستعارات التي نعيش بها) و استكمل هذا الجهد بمفهوم الاستعارة الكبرى megametaphor الذي قدمه بول ويرث في كتاباته في التسعينيات. ففي العقدين الاخيرين من القرن العشرين تطورت منظومة اللسانيات الادراكية التي كانت ترى في البداية انها معرضة لمنظومة اللسانيات التوليدية التي تقترن باسم جومسكي لكن بمرور السنوات و نضوج الافكار اصبحت اللسانيات الادراكية اكثر استقلالية بكونها نظرية لسانية مستقلة و الاختلاف الكبير بينها و بين النظرية التوليدية انها ترى بان التركيب اللغوي هو انعكاس مباشر للعملية الادراكية بمعنى ان تعبيرا معينا يرتبط بطريقة معينة بعملية خلق تصور عن موقف معين و قد رأو ان اتصميم العام للغة لا يكمن في جهاز معين للقدرة على اكتساب اللغة بل ان المبادئ العمومية متجذرة في العملية الادراكية.و قد ركزت اللسانيات الادراكية على الاستعارة تركيزا خاصا و اعتبرتها خصيصة اساسية من الاستعمال اليومي للغة و ترتبط باحد اسس النظرية الادراكية و هو وجود تفسيرات متعددة للموقف اللغوي و هذه التفسيرات تنبع من مناهج التفكير المختلفة و هذه المناهج ترتبط بالاستعارات المختلفة . فالاستعارة هي اداة تنطوي على التفكير بحقل خبروي بواسطة حقل خبروي اخر. ومن هنا فالاستعارة هي برهان على الادعاء ان اللغة و الفكر مترابطان بشكل لا انفصام فيه.

لقد اوضح لاكوف و جونسون و من خلال نقاش نظري تسنده دراسة تطبيقية ان الاستعارة تعد مركزية للتفكير الذي يتمظهر في استعمال اشكال استعارية في اللغة اليومية. و استنادا لذلك نتحدث عن الاشياء بالطريقة التي ندرك فيها تلك الاشياء و التي تشكلها و تؤسس لها التجربة و الثقافة ذلك ان منظومتنا الذهنية الاساسية هي في الاساس ذات طبيعة استعارية.

ان هذه النظرية في اللغة و العملية الادراكية توفر مستويين من الاستعارة هما الاستعارة الذهنية و الاستعارة اللغوية. حيث يعد النوع الاول هو الاساس المعرفي و الدلالي الذي يتخذ شكل ( الحقل الهدف هو / كالحقل المصدر) ؛ في حين ان الاستعارة اللغوية هي تمظهر في الاشكال الكتابية و المنطوقة فعلى سبيل المثال تثير الاستعارة الذهنية / الحياة (الهدف) رحلة(المصدر) استعارات لغوية مألوفة مثل / اننا على الطريق الصحيح ، لقد وصلنا الى نهاية الطريق ولا نستطيع العودة ، انه يبحث عن تغيير في اتجاهه/

و كما يتبين فالنظرية الادراكية تدرس الاستعارة بوصفها تنطوي على ان هناك انموذجان او حقلان ادراكيان هما الحقل الهدف و الحقل المصدر. و في اصطلاح اخر ثمة فضاءان هما الفضاء الاساس و الفضاء المبئر و هما يشتركان بخصائص معينة يمكن استخلاصها من الفضاء النوعي الذي يمكن ان يكون مكافئا للمصطلح التقليدي في دراسة الاستعارة اي الاساس؛ و يمكن ان نطلق على هذا الفضاء (الفضاء المولف) و هو يمثل الفهم المنبثق من الاستعارة او هو عملية تمثيل للسمات المشتركة بين الفضائين ( الاساس و المبئر) . لقد اصبح قولا مالوفا في ميدان علم الدلالة الادراكي في ان الاستعارة ليست مجرد مسألة لغة فحسب بل هي ( شيء) ذهني و نتيجة لذلك تطورت فكرة ان الاستعارة هي تداخل بين ذهنين و من ثم فهي توسيع لقدرتنا الادراكية. و في حين ان النظرة التقايدية ترى ان الاستعارة الحقيقية هي الاستعارة الجديدة التي تستعمل لاول مرة ، فأن الرؤية الادراكية تجد ان الاستعلرة متجذرة في منظومة ذهنية قد تهدد نظرة اولئك الذين يرون في الادب مجرد ابداع فردي لا غير.

ان فهم الاستعارة على انها ذلك الربط بين نماذج ادراكية ينطوي على بناء او اعادة بناء للحقل الهدف باستعمال تصورات منقولة من الفضاء الاساس او الانموذج المصدر و يمكن دراسة الربط من خلال مجموعة من الصفات الداخلية مثل الوضوح و الغنى و الانتظام و التجرد و الصفات الخارجية مثل المجال و الصدقية او الدقة. ومن خلال هذا يمكن الفصل بين نوعين من الاستعارة هما الاستعارة التعبيرية و الاستعارة التفسيرية. عادة ما تكون الاستعارة التعبيرية اقل وضوحا مع درجة عالية من الغنى في حين ان الاستعارة التفسيرية تتسم بوضوح كبير و غير غنية و البعض من هذه الاستعارات التفسيرية تكون قوية لدرجة انا تعد الطريقة الصحيحة لفهم( الحقل الهدف) و نتيجة لذلك فانها تبني فهمنا بوصفها استعارات بناءة.

ان الربط و التداخل المعقد بين الحقلين او الفضائين الذهنيين يهدف الى مضاعفة المعنى و من ثم تكون الاستجابة اعادة انتاج للنص الذي يحتوي على الاستعارة ، لذا يمكن دراسة الاستعارة التعبيرية و الحقول الادراكية او الفضاءات الذهنية بمقارنة ملموسية الحقل المصدر و تجريدية الحقل الهدف اما فضاء التوليف او الربط فيعمل على تفعيل ما هو موجود في اذهان المتلقين و قد لا يتعزز هذا التوليف لغويا بمعنى التجسد عبر علامات لغوية معينة بل ربما يتعزز بالمعرفة بالواضعات الادبية للجنس الادبي او المنظومة الذهنية للاستعارة.

نظرات جديدة في الاستعارة والترجمة(8)

تعتبر مسالة الاستعارة من أهم المسائل التي شغلت الترجمة بجناحيها النظري والتطبيقي. وقد ظهرت المسالة في ميدان البحث اللساني الحديث 1976 حينما نشر مناحيم داجوت دراسته المشهورة "هل يمكن ترجمة الاستعارة؟", في مجلة Babel المعنية بقضايا الترجمة. وقد لاقت هذه الدراسة العديد من ردود الفعل من قبل كثير من الباحثين في حقل الترجمة وعلى رأسهم بيتر نيومارك وكرستين ميسون، وتوالت الدراسات في هذا المجال لتصبح موضوعا بدأت بوادر تشعبه في الظهور وخصوصا في ضوء الدراسات الحديثة في الاستعارة التي تتعامل مع الاستعارة من منظور "المعتاد" وليس "الشذوذ"، وفي ضوء الدراسات الحديثة في علوم اللسانيات الأخرى كعلم اللغة الاجتماعي وتحليل النص والخطاب واللسانيات النقدية التي أظهرت مجتمعة دورا أساسيا للاستعارة في السلوك اللغوي لدى البشر بجميع لغاتهم.

إن هدفنا الأساسي في هذا المقال هو استعراض بعض الآراء الحديثة في موضوع «ترجمة الاستعارة» ساعين من خلال هذا الاستعراض الى تبيان ربط هذه الآراء بالتطورات في دراسات الاستعارة والتطورات في حقول اللسانيات الأخرى، وسنقتصر في استعراضنا هذا على بعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات فقط، ويعكس هذا الانتقاء سعينا نحو ابراز ما استجد من آراء واطروحات في الموضوع. ولكننا نرى أنه ينبغي علينا قبل أن نعرض لهذه الدراسات أن نقدم استعراضا موجزا للخلفية النظرية في موضوع الترجمة والاستعارة، ذلك أن معظم الدراسات الحديثة ترتبط ارتباطا عضويا بما سبقها من دراسات تأسيسية للموضوع.

ظهرت قضية مشكلة الاستعارة في الترجمة في ميدان البحث الحديث على يد داجوت كما أشرنا في بداية هذا المقال (1). ونظرية داجوت في ترجمة الاستعارة تعتمد أساسا على منظوره لماهية

الاستعارة والتي هي في نظره كسر للحواجز الدلالية للكلمات، أي أنه قصر الاستعارة على ما يسميه كثير من الباحثين بـ«الاستعارة الأصيلة» (أو ما سماه الامام عبدالقاهر الجرجاني بالاستعارة المفيدة). فقد ربط داجوت بين الاستعارة وبين وقع الاستعارة في نفس القاريء، أو ما يسمى بالتأثير الجمالي لتلك الاستعارة حيث يشعر القاريء من خلال هذا الربط غير المسبوق لدلالتي المستعار والمستعار له بأنه أمام رؤية جديدة لم يتعرض لها من قبل مما ينتج نوعا من التقبل الجمالي لهذا الكسر لقوانين الدلالة اللغوية. أما فيما يتعلق بالترجمة فالأمر ينقسم الى قسمين. الأول يرتبط بما يجب على المترجم فعله. وهنا يرى داجوت أن على مترجم النص الأدبي مهمة أساسية تتمثل في محاولة اعادة انتاج النص في اللغة المترجم اليها على نحو يمكن القاريء في اللغة المترجم اليها من الوصول الى نفس المشاعر الجمالية التي يثيرها النص في القاريء باللغة الأصلية. وهذا يفترض أن داجوت يعمل ما يسمى بالتقابل الدايناميكي dynarnic equivalence الذي طوره يوجين نايدا U. Nida في العديد من دراساته في الترجمة ويفترض هذا المفهوم أن على المترجم أن يقوم بإنتاج مقابل للنص الأصلي في لغة الترجمة بحيث يكون هذا المقابل قادرا على خلق استجابة مشابهة لتلك الاستجابة التي ابداها قاريء النص في لغته الأصلية.

أما الأمر الثاني المهم في رؤية داجوت لترجمة الاستعارة فيتعلق بالمشاكل التي تقابل المترجم حينما يواجه استعارة تستعصي على "الترجمة الحرفية". وهنا يطرح داجوت رأيا القائل بأن ترجمة الاستعارة (أي على نحو يتم به خلق تأثير جمالي مشابه) تعتمد على مدى اشتراك لغة الاصل ولغة الترجمة في الجوانب الدلالية والثقافية المشكلة للاستعارة، وهذا يعني أن عدم اشتراك اللغتين في هذه الجوانب يقود الى وضع يسمى في دراسات الترجمة بعدم قابلية الترجمة Untranslatability أي استحالة الترجمة عمليا.

دراسات التسعينات

ويمكن القول على وجه العموم أن معظم دراسات هذا العقد في الترجمة والاستعارة مازالت ترتكز على دراسة داجوت المشار اليها لكنها تحاول فيما نرى اعتبار تركيزه على الجوانب الثقافية والدلالية المشكلة للاستعارة جانبا واحدا فقط من بين جوانب عدة يجب تحليلها ووضعها في الحسبان. وهنا فإننا سنعرض لست دراسات تناولت الموضوع على نحو مباشر كما يلي:

1- محمد مناصير: ترجمة الاستعارات والعبارات المسكوكة العربية.

2- ألت كروجر: ترجمة الاستعارات في الروايات السردية.

3- فيفن لوكس: الاستعارة وترجمتها.

4- ماري يونج: ترجمة الاستعارة الشعرية.

5- تيريزا دوبرزنسكا: ترجمة الاستعارة مشكلة المعنى.

6- جوديون تروي: المنهج الوصفي.

1- محمد مناصير: التركيز على الجوانب الثقافية

والدراسة الأولى التي سنتعرض لها في هذا المقال ظهرت في عام 1992 وتحمل عنوان «الاستعارات والعبارات المسكوكة العربية في الترجمة، وكاتبها محمد مناصير ونشرت في العدد الثالث من المجلد السابع والثلاثين من مجلة «ميتا» المتخصصة في قضايا الترجمة. ويعرف مناصير الاستعارات بكونها تعبيرات محددة تمد قيمها الدلالية خارج مجالها الدلالي الواضح». ويرى أن الاستعارات والعبارات المسكوكة متشابهان لأن كليهما يعتمد على الاستخدام المجازي للغة، ولذا فهما معضلتان يواجهان المترجم.

ولأن كاتب النص الأصلي يستغل امكانيات لغته وثقافته في النص وخصوصا في الصور والدلالات المجازية يتحول هذا الاستغلال الى معضلة أمام المترجم، مما يجعل مناصير يتساءل عن المخرج. وهنا يستعرض رأي البعض الذي يرى بأن الاستعارة وسيلة كونية أي تشترك فيها كل اللغات والثقافات ولذا فإن من الواجب ترجمتها حرفيا بينما يرى آخرون أن الترجمة الحرفية تؤدي الى نتائج خالية من أي معنى، ولذا يرى نايدا مثلا أن الاستعارة يجب ترجمتها كـ «غير استعارة». هنا ينصح مناصير مترجم النص العربي بدراسة امكانية تقبل اللغة المترجم اليها للصورة الثقافية التي تحملها الاستعارة.

ويعتمد نجاح ترجمة الاستعارة عند مناصير على معرفتنا بالعالم وباللغة المترجم اليها، حيث إن الترجمة الحرفية قد لا تنتج ترجمة مقبولة في كثير من الحالات. وهنا يطرح مناصير عاملا مهما في ترجمة الاستعارة وهو العامل التواصلي أي المحافظة فقط على سمة النص التواصلية وتستوجب هذه سمتين يجب أن يتحلى بهما المترجم وهما المرونة والحساسية بحيث يكون مرنا في تعامله مع اللغة وحساسا بتأثير ترجمته على القاريء في اللغة المترجم اليها.

ويضرب مناصير بعض الأمثلة على ملاحظاته حول ترجمة الاستعارة مثل:

«تجري الاستعدادات على قدم وساق»

فترجمتها الى الانجليزية حرفيا ستنتج جملة خالية من المعنى ويجب انتاج ترجمة تكون مقبولة من القاريء الانجليزي دونما الاشارة الى القدم والساق اللتين لا يوجد لهما مقابل مجازي في اللغة الانجليزية.

ومن الأمثلة الأخرى:

«قتل الموضوع بحثا»

التي لا يفترض أن تحمل ترجمته صورة القتل وانما تكتفي بمعنى الاستعارة مثلما في «درس الموضوع دراسة موسعة».

أما الاستعارات ذات الكلمة الواحدة فيعتقد مناصير بأنها أسهل ترجمة مثل:

«حبل التفكير»

التي يمكن ترجمتها الى الانجليزية أمثل:

thread of thought

ويلاحظ مناصير أن الصحف العربية مثلها مثل جميع الصحف في كل اللغات تستغل امكانيات الاستعارة لأجل الاثارة مثل:

«اشتعلت الجبهة من جديد في الخليج»

التي يمكن ترجمتها كما يلي:

in the Gulf, the fronts are ablaze once more

ويناقش مناصير درجات قابلية ترجمة الاستعارات العربية الى اللغة الانجليزية. فيرى أن اللغة العربية تتميز بمرونتها ويتقبلها للصور من اللغات الاجنبية. وكثير من الكتاب العرب يستخدمون الكثير من الاستعارات ذات المصدر الانجليزي والفرنسي، وبرغم ذلك يشكك مناصير في وجود تقابل تام بين الاستعارات الموجودة في كل من العربية واللغات الأخرى كالانجليزية مثل

"الزيارة أذابت الجليد في العلاقات بين الجانبين"

فالاستعارة في الأصل انجليزية

to break the ice

أي «يكسر الثلج»

إلا أن العربية تقبلت نفس الصورة تقريبا مع بعض التغيير حيث إن الحياة العربية أكثر تعودا على «إذابة الجليد» وليس "كسر الثلج".

وتلخيصا يرى مناصير أن درجة قابلية ترجمة الاستعارة تعتمد أساسا على أهمية الاستعارة في نقل معنى النص. وهنا نلاحظ أن هذه النتيجة مهمة جدا. فعلى الرغم من أن مناصير لم يطور هذا الرأي ولم يحاول التدليل عليه بالأمثلة الا أننا نرى أن هذه الملاحظة تتجاوز مستوى التقابل البسيط الذي يفترض أن الترجمة تنجح اذا استطعنا ايجاد مقابل للاستعارة في اللغة المترجم اليها. فالسمة النصية قد تفتح الباب أمام تقنيات جديدة تعتمد النص كمقياس يقوم عليه مفهوم التقابل في ترجمة الاستعارة.

2- ألت كروجر: المجال الكوني (النصي) للاستعارة الروائية

والدراسة الثانية التي سنستعرضها هي "ترجمة الاستعارات في الروايات السردية" من تأليف ألت كروجر من جامعة جنوب افريقيا في جنوب افريقيا. وتقوم فكرة الدراسة عي وجوب اعطاء الاهتمام بالترابط العضوي بين المكونات داخل النص الواحد، وهذه السمة مهمة جدا في حالة الاستعارة التي تشكل أداة تبنى بها الشخصية في العمل الروائي. فإن فشل المترجم في هذا فإن شخصيات العمل المترجم لن تكون صورة حقيقية لشخصيات العمل الروائي الاصلي، وبذا تتأثر الرواية المترجمة بأكملها.

والاستعارات التي تستخدمها ألت كروجر في دراستها هي تقنيات مستخدمة في بناء شخصيات رواية كتبت باللغة الافريكانية Fiela se kind لمؤلفها دالين ماتثي Dalence Matthee المنشورة عام 1985 وقد ترجمتها الى اللغة الانجليزية المؤلفة نفسها لتصبر Fiela's Child أو (طفل فايلا). وترجمة الاستعارات الروائية من منظور كروجر يجب أن يسبقها تحليل عميق وفهم للنص الروائي بأكمله، خصوصا الانماط البنيوية لسردية الرواية، وهنا تحاول كروجر طوير نفس الفكرة التي أشار اليها مناصير في دراسته الآنفة الذكر. حيث ترى كروجر أن على المترجم أن يتعامل مع التعابير الاستعارية من منظور النص بأكمله وباعتبارها وسيلة ترتبط بعلاقات عضوية مع تقنيات النص الروائي ومكوناته الاخري التي تحدد بناء الشخصية الروائية. ولهذا تقرر المؤلفة دراسة مقارنة تحاول من خلالها معرفة ما اذا كانت ترجمة ماتثي المؤلف -المترجم قد انتجت وصفا أمينا للشخصيات كما هي في النص الأصلي.

ومن أجل دراسة الاستعارة في الترجمة تفترض كروجر ضرورة الاستعانة بنظريات الاستعارة وخصوصا نظرية التفاعل التي طورها جراب Grabe في دراسة بعنوان «السمات المحلية والكونية لعمليات التفاعل في الاستعارة الشعرية» التي نشرها في دورية Poetics عام 1984وفي كتابه «الاستعارة والتفسير» المنشور عام 1985. وهنا ترى كروجر أن من الضروري دراسة الجوانب «الكونية » أي النصانية للاستعارة وليس فقط جوانبها «المحلية» أو النحوية. والفرق بين الاثنين أن النظرة الكونية للاستعارة تأخذ في عين الاعتبار ليس فقط السمات النحوية التي تميز الاستعارة المفردة وانما اعتبار الاستعارة جزءا تتداخل أجزاؤه وترتبط ببعضها مشكلة الكل النصي. والرواية محل الدراسة فإن بناء الشخصية يعتمد على التفاعل الكوني (النصي) بين الاستعارات التي تعكس بيئة النص أو سياقه المتموضع في الحقل والغابة والبحر. ولعل كروجر تشير الى ما أسماه محمد خطابي بالتعالق الاستعاري في النص بحيث تشكل الاستعارات جزءا مهما من أدوات الارتباط النص.

وترى كروجر فرقا بين الاستعارات التي تبدو متشابهة كالاستعارة الميتة كقولنا “Man is a wolf" أو (الانسان ذئب) والاستعارة الأدبية الموجودة في الاستعارة “Fiela is an animal” أو (فايلا حيوان) لأن الثانية مرتبطة ارتباطا تفاعليا بالاستعارات الأخرى في نموذج حياة الريف والحقول بهدف بناء شخصية فايلا كامرأة ريفية، ويمكن التدليل على سمتي المحلية والكونية في الاستعارة من خلال تحليل الاستعارة التالية التي تصف فايلا بطلة الرواية:

Hulle het jou klaar hokgeiaag, Fiela Komotie (p.48)

التي يمكن ترجمتها كما يلي:

لقد طاردوك الى القفص

فبالاضافة الى سماتها الداخلية كاستعارة منفردة فإن هذه الاستعارة ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستعارات الأخرى في النص مشكلة الشخصية الروائية. فجميع الاستعارات تبني شخصية فايلا كامرأة فقدت السيطرة على مجريات حياتها وان الآخرين يتحكمون فيها، فتصفها استمارة أخرى بأنها "مثل حيوان أخرس اقتيد الى القفص، تشعر فايلا ان باب القفص قد أغلق وراءها". ولهذا تشعر بأن انسانيتها انتهكت وهذا ما يفسر وجود هذا الكم من الاستعارات الحيوانية مثل «لقد أدركت فايلا ما كانت تشعر به أمها حينما حلق الصقر فوقها ولم يكن أمامها من مأوى تطلق ساقيها اليه».

وعموما ترى كروجر أن الاستعارات التي تستخدمها الرواية تستلهم حياة الحقل مصدرا لها مشكلة شخصية فايلا كفلاحة وامرأة ريفية بسيطة لكنها أبية لا تنقصها الكبرياء، ولأنها غير متعلمة فإن حديثها يأتي بسيطا يعكس البيئة التي نشأت وتعيش فيها.

وترى كروجر أن التحدي الذي يواجه المترجم هو الابقاء على ذات الترابط العضوي (أو التعالق الاستعاري كما يسميه محمد خطابي) بين الشخصيات وحديثها والبيئة التي تجد نفسها فيها وتعكسها في حديثها.

فقد ترجمت الاستعارة الآنفة الذكر الى اللغة الانجليزية بالصيغة التالية:

They have you cornered you already, Fiela Komoetie, she told herself.

التي قد يكون مقابلها الحرفي في اللغة العربية التالي:

"قالت لنفسها: لقد طوقوك يا فايلا كوموتي"

وكما ذكرنا سابقا فإن صورة «القفص» و "الحيوان" جزء من تشكيل شخصية فايلا، ولهذا فإن المترجم بترجمته صورة الحيوان الموضوع في القفص الى صورة «طوقوك» قد أضاع بنموذج حياة الريف التي حاول الراوية خلقها في النص الأصلي متجاهلا بذلك دور تلك الاستعارات في بناء شخصية فايلا كفلاحة بسيطة. وبكلمة أخرى فعل الرغم من أن صورة «التطويق» تعكس دلالة قريبة من الدلالات التي تعكسها صورة الحيوان الموضوع في القفص (دلالة فقدان الحيلة على فعل شيء) إلا أن الايحاءات المتعلقة بانتهاك انسانيتها ويعدم احترام كبريائها كإنسانة قد تم تجاملها من قبل المترجم. وهذا التجاهل كان من الممكن حله لو أن المترجم أبقى على نفس صورة «القفص» و«الحيوان المطارد».

ونفس المشكلة تظهر في ترجمة الاستعارة التالية:

Hulle was haar aan die vaskeer

والتي تقابل حرفيا في العربية:

مثل حيوان اخرس سيق الى القفص

فقد ترجمت في اللغة الانجليزية الى:

They were driving her into a corner

والتي تقابل في العربية:

كانوا يحاصرونها

فقد تجاهلت هذه الترجمة صورة الحيوان المطارد الى القفص، وهذا التجاهل ذو أهمية لأن هذه الصورة ترتبط عضويا في السياق الكوني النصاني، لأنها تساعد في بناء شخصية فايلا كامرأة أفقدت انسانيتها وتحولت الى حيوان. ومما تأسف له كروجر أن معظم الاستعارات قد تم تغيير صورتها في الترجمة أو أنها قد حولت الى المعنى دون الاحتفاظ بالصورة الأصلية ذات الأهمية في بناء الشخصية الروائية. فالاستعارات التي تنطق بها فايلا في الترجمة الانجليزية لا تعكس أي شيء عن بيئة النص وأهمية تلك البيئة في بناء الشخصية الروائية، وهذا الفشل يوجد أيضا في الاستعارات التي تأتي على لسان الشخصيات الأخرى في الرواية. وتخلص دراسة كروجر الى حقيقة مفادها أن الترجمة "الخاطئة" للاستعارة قد يكون لها عواقب دلالية وتواصلية تتجاوز الاستعارة المفردة لتمس بعض أركان العمل الأدبي كبناء الشخصية في الرواية وهذا ما يؤثر على تقبل القاريء للعمل الروائي المترجم ونجاح هذه الترجمة.

والنتيجة التي توصلت اليها كروجر مهمة جدا ويجب على منظري الترجمة تطويرها من حيث دراسة روايات أخرى من لغات أخرى كاللغة العربية التي تنقصها مثل هذه الدراسات إضافة الى دراسة أنواع أدبية أخرى غير الرواية كالشعر والمسرح حيث قد تظهر عوامل أخرى تنبع من خصوصية بنية النص الشعري أو المسرحي لها تأثير مهم في تعامل المترجم مع الاستعارة، اضافة الى الجانب النظري فإن هذه النتيجة ذات أهمية بالنسبة للمترجمين أنفسهم بحيث لا يعفون بالتعامل مع الظاهرة اللغوية كالاستعارة في ذاتها وانما بربطها بالمستويات الأخرى من التعبير اللغوي كالنص وبنيته الكبرى. وهنا نشير الى عبرة أخرى نستفيدها من دراسة كروجر وتتعلق بالعلاقة بين المترجم والمؤلف فهناك اعتقاد سائد أن افضل مترجم للنص (الأدبي خصوصا) هو مؤلفه ذاته ان تمكن من لغة الترجمة، وهو ما أظهرت هذه الدراسة عدم صحته من خلال دراسة الكيفية التي ترجمت بها الاستعارة وتجامل (أو جهل) المؤلف. المترجم للارتباط العضوي في النص.

3- فيفين لوكس: عودة الى الاستعارة المفردة

والدراسة الثالثة التي سنستعرضها هنا هي لنيفين لوكس E. Vivienne Lux عنوان "الاستعارة وترجمتها" والقاها في مؤتمر FIT الدولي للترجمة الذي انعقد في مدينة برايتون البريطانية في الفترة من 6- 13 من أغسطس من عام 1993 تحت شعار "الترجمة: الحلقة الحيوية" Translation- the Vital Link وتنقسم دراسة لوكس الى خمسة أقسام. يناقش القسم الاول من الدراسة تعريف مصطلح Metaphor يقابله مفهوم «الاستعارة» في اللغة العربية. ويرى أن هذه الكلمة مستمدة من الكلمة الاغريقية metaphora المكونة من شقين: Meta الذي يعني "فوق" وpherein الذي يعني "يحمل" وبذا فإن الدلالة الاصلية لكلمة metaphor هي دلالة استعارية في ذاتها كما يقول لوكس. وفي القسم الثاني من الدراسة يناقش لوكس الكيفية التي تجعل من الاستعارة أمرا أساسيا في الفكر واللغة حيث ان الاستعارة تسوغ القدرة الادراكية للمتحدثين وهي أيضا مصدر تتجدد به اللغة بسبب ربط الكلمات بدلالات جديدة لم ترتبط بها من قبل. أما في القسم الثالث فيحاول لوكس الاجابة على تساؤل حول سبب كون الاستعارة مشكلة مركزية في الترجمة. والمشكلة في رأيه تكمن في أن الاستعارة غامضة طبعها وتحمل في العادة استخداما ابداعيا شخصيا للغة يرتبط في العادة بثقافة اللغة التي انتجت فيها الاستعارة. ثم يتساءل في القسم الرابع حول تطور الرؤية المعاصرة للاستعارة، فيستعرض آراء الكلاسيكيين مثل أرسطو ورأيه الشهير في الاستعارة الذي ينزلها منزلة عليا بحيث تكون "رمز العبقرية" مرورا بالقرون الوسطى والرومانتيكيين الذين اعتبروا الاستعارة وسيلة لاكتشاف العالم وأهميتها التخيلية والعاطفية، بحيث اعتبروها مركز اهتمامهم، حتى العصر الحديث وريتشاردز الذي اعتبر أن اللغة والاستعارة خصوصا هي مصدر وجود الحقيقة (أي الفكر يعتمد على اللغة)، ولاكوف وجونسون اللذان شككا في وجود مفاهيم إدراكية ذات طبيعة غير استعارية.

وفي القسم الأخير من دراسة لوكس القصيرة يتناول كيفية ترجمة الاستعارة، ويحدد حديثه بالاستعارة الأصيلة في النصوص الأدبية وغير الأدبية. فيرى أن من الصعوبة تعريف الاستعارة الأصيلة لأن ما هو استعارة أصيلة اليوم قد يصبح تعبيرا مستهلكا بعد أن يتكرر استخدامه وتلوكا الألسن. ويرى لوكس أن القانون الذي يمكن للمترجم اعماله في ترجمة الاستعارة هو «كلما ابتعد النص الأصلي من الاستخدام العادي وكلما ازدادت اهمية النص، استوجب انتاج ترجمة قريبة من الأصل. كذلك تظهر الاستعارات في النصوص غير الأدبية كالنصوص الاقتصادية كما في الصحافة المختصة في الأمور الاقتصادية. وتظهر مشكلة الترجمة حينما يكون مفهوم معين مفعل في الاستعارة ذو خصوصية محلية وتكون مرتبطة بثقافة لغة الأصل. كما تظهر الاستعارة المستمدة من الأدب في النصوص غير الأدبية كايحاء أدبي لتشكيل وسيلة مختصرة لتلخيص وضع معقد. ويعتمد هذا على اعتقاد مسبق مفاده أن فهم الاستعارة لن يصعب على القاريء وهذا ما يسبب مشكلة حينما تترجم الاستعارة الى لغة أخرى.

يخلص لوكس في دراسته الى حقيقة مفادها أن كل حالة استعارة يجب دراستها على نحو منفرد في سياقها الخاص بها، وان كل ما يمكن للمترجم فعله يتمثل في أن يكون على بينة من أنه قد أخذ كل العوامل في حسبانه ووزنها بحرص قبل أن يصل الى قراره في شأن ترجمتها.

ومن الجلي أن دراسة لوكس تضيء بعض جوانب مسألة الاستعارة والترجمة لكن النتيجة التي توصلت اليها تثير بعض التساؤل. فقولا أن كل استعارة يجب أن تدرس منفصلة في سياقها الخاص يثير تساؤلين مهمين في رأينا. يتمثل التساؤل الأول حول سمة من سمات البحث العلمي النظري. فالنظرية كما هو معروف لدى جل الباحثين في كل الحقول تتعلق بالمشترك والعام وليس بالاستثنائي. أي أن كل نظرية يجب أن تسعي الى كشف القوانين العامة التي تحكم الأشياء، وهذا يتناقض مع رأي لوكس في التعامل مع كل استعارة على حدة. إن هذا الرأي يفترض أنه لا توجد قـوانين عامة تنظم مسألة الترجمة والاستعارة وأن الأمر محض حالة فردية خاصة بكل استعارة. (2)

أما التساؤل الثاني فيتمثل في المستويات العليا للاستعارة. فلوكس يتعامل مع الاستعارة المفردة وبذا يقع في نفس مشكلة الدراسات الأول كما أشرنا سابقا، حيث اشارت الدراسات الحديثة مثل دراسة كروجر السابقة الذكر ان الاستعارة تقع في فضاء النص الموجودة فيه وان التعامل معها يجب أن يكون في إطار يضعها في ترابط عضوي ومتفاعل مع العناصر الأخرى في النص ذاته. اضافة الى أن الاستعارة ترتبط تناميا باستعارات أخرى خارج إطار النص كما أشرنا في دراسة سابقة لنا.(3)

4- ماري يونج: ترجمة الاستعارة الشعرية والانساق المتعددة

والدراسة التالية التي سنتعرض لها هي رسالة دكتوراة في الموضوع تحت عنوان «ترجمة الاستعارة الشعرية: استكشافات في عمليات الترجمة » من اعداد ماري مان _ يي فونج، وقد قدمتها الباحثة في عام 1994 في جامعة ورك البريطانية. والدراسة كما يشير العنوان تتعلق بالاستعارة الشعرية والعوامل المؤثرة في ترجمتها. وترى فونج ان الاستعارة تتكون من عناصر لغوية وغير لغوية. فالاستعارة فيما هي تعبير عن تصور ذهني تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بنظام اللغة الأصلية. والتجربة الحياتية المستمدة منها الاستعارة مرتبطة أيضا بالنظم الاجتماعية. الثقافية اضافة الى النظام الأدبي في اللغة الأصلية. ويتم تقبل الاستعارة من قبل قارئها في لغتها الأصلية من خلال التقبل الذهني لها إضافة الى قدرة هذا القاريء اللغوية والثقافية. ويعتمد تفسير الاستعارة على تعرض القاريء اضافة الى تطور المجتمع الذي يعيش فيه. وتلعب العوامل الشخصية مثل المهارة اللغوية والأدبية والتجربة الحياتية دورا مهما في تفسير الاستعارة اضافة الى العوامل العامة التي تحكم تقبل المجتمع باسره لهذه الاستعارة.

أما في شأن الترجمة فتقول يونج في قسم بعنوان Translataibility أو "قابلية الترجمة" ان القابلية المطلقة للترجمة أو عدمها محكوم بـ "البيئة التاريخية والاجتماعية للاداء الحقيقي، حيث إن عددا من العوامل مثل التعرض الشخص للمترجم، واتجاه مرحلة تطور اللغة المترجم اليها وثقافتها والاتصال بين النظم المتعددة polysystems للغة الأصلية ولغة الترجمة لها تأثير حاسم في قابلية الترجمة" (ص 288: ترجمتنا) وهنا تتفق الباحثة مع ارمين بول فرانك Armin Paul Frank الذي يرى أن "قابلية الترجمة مفهوم تاريخي: وهو مفهوم نسبي للترجمات التي انتجت في الواقع".

وترى فونج إن ما يحدد قابلية الترجمة هو ما اذا كانت الاستعارة المترجمة تحقق المتطلبات الكونية في النص الأدبي، أي أنها تقيم علاقات مناسبة في كل المستويات المهمة في النص الأدبي المترجم. ومن خلال الأمثلة التي درستها الباحثة تخلص الى نتيجة مفادها ان الاستعارات تغدو قابلة للترجمة حينما تتشابه المفاهيم الاستعارية الاساسية في النظم الثقافية واللغوية في لغة الأصل ولغة الترجمة. أما فقدان القابلية للترجمة فيحدث حينما يفشل المترجم في تجاوز العقبات والقيود التي تفرضها عليه النظم المختلفة المتعلقة بالاستعارة، وهكذا كلما قلت تلك القيود زادت قابلية الترجمة والعكس صحيح.

وتناقش فونج جانبا مهما من جوانب قضية ترجمة الاستعارة وهو ترجمة الاستعارات الابداعية الأصيلة (novel metaphors) رأي الباحث الألماني كلوفر Kloephfer الذي رأى انه كلما زادت أصالة الاستعارة وقيمتها الابداعية زادت قابليتها للترجمة الحرفية (أي نقل الصورة الموجودة في اللغة الأصلية). وهنا ترى فونج ان دراستها قد توصلت الى نتيجة مغايرة فقابلية الترجمة في رأيها لا تعتمد على "حداثة" الاستعارة واصالتها وانما على القيود التي تفرضها الاستعارة وامكانية تجاوز هذه القيود. وان الاستعارة الحديثة المرتبطة بابداع لغوي صعبة الترجمة.

وتتوصل فونج الى نتيجة يجب التوقف عندها وهي انه رغم امكانية الترجمة الحرفية للاستعارة (أي نقل الصورة الأصلية كما هي الى لغة الترجمة) فإن ذلك لا يعني ان الاستعارة سيكون لها نفس الفضاء اللغوي والثقافي كما هو في لغة الأصل وذلك انطلاقا من مفهوم تعدد النظم الذي أشرنا اليه سابقا. فالنظم لا محالة تكون مختلفة بين لغة الأصل ولغة الترجمة، وهذا يستدعي أن أي ترجمة لأي استعارة يستحيل أن تكون مساوية تماما للاستعارة الأصلية. (طور الفكرة.)

وبتلخيص ترى فونج أن ترجمة الاستعارة الشعرية تتجاوز الترجمة بمعناها البسيط المتصل في ايجاد مقابل لغوي للاستعارة الموجودة في الترجمة حيث إن هذا رهن بوجود نفس المستويات اللغوية والثقافية. بل إن حتى الحفاظ على نفس الصورة لا يعني نجاح الترجمة لأن الصورة في لغة الأصل مرتبطة بنظم ومستويات لغوية ونصية وثقافية قد لا توجد في لغة الترجمة.

نشير هنا الى أن دراسة فونج مهمة جدا نتيجة لاعتمادها على المنهج الوصفي البنيوي الذي يتعامل مع الاستعارة في جميع المستويات المرتبطة بها سواء كانت على المستوى اللفظي أو الدلالي أو النحوي أو النصي أو الثقافي أو اللغوي العام. ونستطيع مطمئنين القول إن دراسة فونج تتجاوز أهميتها الاطار الذي وضعته الباحثة نفسها، فرغم تركيز الدراسة على مفهوم قابلية الترجمة translatability إلا أن ما توصلت اليه الدراسة يتجاوز هذا المفهوم كثيرا حيث يتعامل مع القضية من منظور وصفي يأخذ في الحسبان جميع العوامل المؤثرة في عملية الترجمة وليس في "قابلية الترجمة" فقط وهذا ما يمكن اعتباره نموذجا لما يدعو اليه الباحث المعروف توري كما سنشير لاحقا حينما نستعرض أحدى دراساته الأخيرة في هذا المجال.

5- تيريزا دوبرزنسكا: التركيز على ايحاءات الدلالة

الدراسة التي سنستعرضها الآن هي دراسة تيريزا دوبرزنسكا Teressa Dobrzynska تحمل عنوان «ترجمة الاستعارة: مشاكل المعنى» والتي نشرت في عام 1995 في دورية البراجماتية في مجلدها الرابع والعشرين. وكما يتضح جليا من عنوان الدراسة فهي بعكس الدراسات السابقة تركز على مستوى الدلالة من قضية ترجمة الاستعارة.

وترى دوبرزنسكا باديء ذي بدء ان الاستعارة تعتبر نموذجا على كل ما تمر به الاشارة اللغوية بشتى أنواعها حينما يتم استخدامها في الخطاب. بمعنى "انه يمكن التعامل مع الاستعارة على أنها تمثل تعقيد التواصل اللغوي بأكمله" (ص 595) غير أنها مع ذلك تقول ان مشاكل الاستعارة يمكن رؤيتها أقصى وضوحا وتحديدها حينما يراد ترجمة التعبير الاستعاري، أي حينما يراد التعبير عن المعنى في لغة أخرى، حيث تعني اللغة الأخرى خلفية ثقافية أخرى ونظاما قيما مختلفا لدى مستمعين أو قراء آخرين.

وتفرق دوبرزنسكا بين التعبير الاستعاري والتعابير الخالية من المعنى بسبب ان التعبير الاستعاري هو كسر "مقصود" للحدود الدلالية في حين أن التعابير الخالية من المعنى غير قابلة للتأويل بعكس التعابير الاستعارية. فالاستعارة ذات معنى بالرغم من أن هذا المعنى يتجاوز التقاليد الدلالية في اللغة. والاستعارة (الحية) تختلف أيضا من منظور دوبرزنسكا عما يعرف بالاستعارات الميتة التي لا يشعر فيها القاريء بالصورة المجازية.

وتقول دوبرزنسكا ان دراسة الاستعارة ه توفر فرصة ممتازة لتفحص أفضل للفرق بين المعنى غير المتغير في لغة معينة والذي هو موضوع علم الدلالة، في جانب، والعناصر المقابلة المتعلقة بـ "معرفة العالم" التي ترتبط بالبراجماتية في الجانب الآخر" (ص 596). وهنا تربط دوبرزنسكا الاستعارات بالارتباطات والايحاءات الملازمة للفظ كسمة أساسية في الاستعارة. حيث إن "الايحاءات اللفظية" جزء من تمكن المتحدث أو الكاتب وهكذا فهي أمر مشترك لدى جميع المتحدثين المتمكنين في أي لغة، وهذا ما يفسر التلازم بين معنى الاستعارات كما انتجها المتحدث أو الكاتب والمعنى الذي يصل اليه أو يفسره المستمع أو القاريء ورغم ذلك يظل معنى الاستعارة مفتوحا لأكثر من تفسير واحد.

إلا أن بعض الاستعارات تظل أسهل تفسيرا من غيرها وهذا يعود في رأي دوبرزنسكا الى "المعرفة المشتركة" بين الكاتب أو المتحدث والقاريء أو السامع، فكلما كبرت مساحة المعرفة المشتركة بينهما سهل الوصول الى معنى الاستعارة أما اذا ضاقت مساحة هذه المعرفة الى حد انها تتحول الى محض افتراض فيصعب الوصول الى معنى الاستعارة.

وفي رأي دوبرزنسكا فإن صعوبة تفسير الاستعارة تتجل أكبر ما تتجل ني حالة الترجمة حيث تتجاوز الاستعارة حدود مجتمع متميز بثقافة معينة، وتنتج الصعوبة هنا من حقيقة ان الكاتب أو المتحدث ليس لديه الا معرفة غامضة بسيطة حول الحقول الدلالية الايمائية لدى القاريء أو السامع. وتظهر المشكلة أيضا حينما تقوم الدلالة الاستعارية من ارتباطات مسكوكة من النوع الايمائي اللفظي، حيث تكون هذه الايحاءات معروفة لدى متحدثي لغة الأصل لكنها لا توجد لدى متحدثي اللغات الأخرى. فما الحل في مثل هذه الحالات حينما تعجز الترجمة عن نقل الاستعارة من لغة الى أخرى جراء الاختلافات في الحقول الدلالية بين كل من الكاتب والقاريء وبين لغة الأصل واللغة المترجم اليها؟

ترى دوبرزنسكا أن على المترجم أن يختار خيارا واحدا من بين ثلاثة خيارات. أول هذه الخيارات هو أن يختار المترجم المقابل الدقيق للاستعارة الأصلية (استعارة ï استعارة)، أو ان يستخدم عبارة استعارية تحمل معنى العبارة الاستعارية نفسه (استعارة 1 ï استعارة 2)، أو انه يحل محل الاستعارة مقابلا تفسيريا حرفيا (استعارة ï شرح). وهنا ترى دوبرزنسكا أن "اختيار التكتيكات الترجمية يجب أن يعتمد على نوع النص المترجم والوظيفة التي يفترض ان يؤديها لجمهوره الجديد في سياقها التواصلي الجديد" (ص 599)، مع ملاحظة ان الطريقة الأول لا يمكن اعتبارها افضل الطرق حيث قد ينتج عنها استعارة غير ذات معنى في اللغة المترجم اليها النص، إلا اذا اشتركت اللغتان في ايحاءات الألفاظ.

6- جوديون توري: ضرورة المنهج الوصفي

الملاحظات الاخيرة في الاستعارة والترجمة التي سنتعرض لها هذا المقال هي لباحث جوديون توري وابداها في كتابه "Desciptine Tramslation Studies and Beyond" أو (الدراسات او صفية في الترجمة وما بعدها). فيتحدث في الفصل الثالث والذي يحمل عنوان "تشكيل منهج لدراسات الترجمة" عن فرق بين موقفين متضادين في دراسة الترجمة هماالموقف التوقعي "المستقبلي" (prospective) والموقف الارجاعي "الماضوي" (retrospective) ويمثل على هذا الفرق بالنظرة لدى كل منهما للاستعارة "لأنها قد قدمت في العادة على أنها ضرب من الامتحان النهائي لنظرية الترجمة" (ص81).

ويلاحظ توري أن طبيعة الاستعارة كمشكلة في دراسات الترجمة قد تم تأسيسها من زاوية "النص الأصلي" باعتبار ان الاستعارات مواد من النص الأصلي يجب أن يبقى عليها في النص المترجم. وتقوم هذه الرؤية على معايير لغوية كما هي عند نيومارك وداجوت، ومعايير نصية ولغوية معا كما هو عند آخرين.

وهنا ينتقد توري الدراسات السابقة انها تعاملت مع الاستعارات المفردة بدلا من أن تتعامل مع "كل منظم". اما بالنسبة للتعميمات التي توصل اليها الباحثون السابقون (مثل الحلول التي طرحتها دوبرزنسكا في الدراسة التي عرضناها سابقا) فلا تعكس أبدا الانتظامات (regularities)الموجودة في الاستعارات التي تعرضت لها الدراسات السابقة، فعل عكس ذلك تم التعامل مع الاستعارات من خلال «فلتر» مسبق يحدد الجيد والسيىء في ترجمة الاستعارة، وهذا في رأي توري هو الذي جعل الباحث في موقع الـ "أكثر معرفة وعلما" بشأن الاستعارة والترجمة من المترجم الذي درسه هذا البحث. ويلاحظ توري انه من النادر ان تم التركيز على الحلول «كما هي موجودة في الواقع» دون تحديد معايير مسبقة واحكام تقييمية مسبقة. ولم يحدث مطلقا أن تعامل الباحثون السابقون مع الاستعارة من منظور ما قام به المترجمون من اخلالات للاستعارات الموجودة في اللغة الأصلية.

ويلاحظ توري أيضا أن الاخلالات التي أسسها الباحثون السابقون في مسالة ترجمة الاستعارة يمكن تقسيمها الى ثلاثة أنواع كما يلي:

1- الاستعارة الى الاستعارة "نفسها"

2- الاستعارة الى استعارة "مختلفة"

3- الاستعارة الى لا استعارة

ويتجاهل الباحثون احتمالا آخر ينبع من الرؤية القائمة على النص الأصلي وهي:

4- الاستعارة الى الصفر

(أي الحذف الكامل للاستعارة وعدم الابقاء على شيء منها في النص الأصلي).

وهذا التجاهل لا ينبع في رأي توري بسبب انه غير محتمل أو غير موجود في الترجمة الواقعية بل لأن الباحثين يرفضون اعطاء شرعية لحذف الاستعارة كلية، الا في حالة الاستعارات غير المهمة أو تلك الموجودة في النصوص غير المهمة.

ويرى توري أنه حتى حينما نقيم آراءنا على أساس النص الأصلي فلا يوجد ما يضمن ان وجود استعارة في النص الأصلي يوجب التعامل معها كوحدة واحدة سواء أكان من خلال ترجمتها باستعارة كما في الحلين ( 1) و (2)، او بحل غير استعاري كما في (3)، أو حتى بعدم ترجمتها على الاطلاق مثلما هو الحال في الحل الذي يقترحه توري ( 4).

أما دراسة الترجمة من منظور النص المترجم فقد تؤتي بثمار مختلفة في ميدان دراسات الترجمة، ففيما يتعلق بالاستعارة الموجودة في النص المترجم وليست تلك الموجودة في النص الأصلي،أي منظور الحل الموجود الذي اتخذه المترجم وليس على أساس المشكلة كما هو منظور النص الأصلي، وهنا يقترح توري حالتين كما يلي:

5- لا استعارة الى استعارة

6- الصفر الى استعارة

ويرى توري أن المنظور الأشمل للترجمة، أي من منظور النص الأصلي والنص المترجم معا، يؤدي الى الأخذ بعين الاعتبار ظاهرة «التعويض» في الترجمة وهو ما كان سيستحيل على دراسات الترجمة ملاحظته لو كانت الاحتمالات الأربعة هي فقط التي يسمح بها في النظام الوصفي للترجمة. ويضيف توري ان الاحتمالين الأخيرين ( 4) و( 5) قد يثيران افتراضات تفسيرية أخرى، فقد يلاحظ أن بعض الاستعارات الأصلية يقل استخدامها في لغة الترجمة، ليس بسبب الصعوبات الناتجة عن اللغة الأصلية أو الفروقات بين لغة الأصل ولغة الترجمة فقط، بل بسبب عوامل مرتبطة بالنص المترجم ذاته.

خلاصة

نخلص من الاستقراء السابق لبعض الدراسات التي ظهرت في عقد التسعينات الى الاستنتاجات التالية:

1- يلاحظ من خلال استعراضنا السابق أن الدراسات في موضوع الاستعارة والترجمة قد تجاوزت محدودية الدراسات المبكرة في الموضوع. ومعنى هذا أن الدراسات المبكرة مثل دراسة داجوت (1976) ونيومارك (1980) قد تمحورت حول الاستعارات المفردة، أي رؤية الموضوع من خلال امكانية ترجمة الاستعارة المفردة المنفصلة عن مستويات السياق العليا كالنص والسياق الثقافي الأكبر والعوامل المؤثرة على الترجمة مثل العامل اللغوي والعامل الثقافي اللذين تحدث عنهما داجوت، والعامل الكوني الذي اقترحه نيومارك. أما دراسات التسعينات فحاولت الخروج من مطب الاستعارة المفردة فحاولت توسيع دائرة الاستعارة لتشمل الجغرافيا النصانية التي توجد فيها الاستعارة. فإشارة مناصير الى وظيفة الاستعارة في تكوين معنى النص، وتركيز كروجر على المستوى "الكوني" أي النص للاستعارة، والمستويات الكبرى التي تحدثت عنها فونج كلها تدل على تحرك نحو تجاوز التعامل مع الاستعارة كوحدة منفصلة عن المستويات الأخرى باتجاه الاهتمام بالمستويات العليا للاستعارة. وهنا نشير الى أن الدراسات في الموضوع في مرحلة تحول، وان التعامل الأشمل مع الاستعارة لم يظهر في رأينا حتى الآن، والدليل على ذلك وجود بعض الدراسات التي مازالت ترى أن على المترجم أن يتعامل مع كل استعارة على حدة مثلما يرى لوكس مثلا، وتمحور دوبرزنسكا حول المفهوم القديم للايحاءات التي تستثمرها الاستعارة في النص.

2- نرى أن هنالك مدى يمكن للباحث في الموضوع أن يصل اليه مستغلا ما يوجد حاليا من تطورات سواء في مجال الاستعارة أو المجالات الأخرى كلسانيات الخطاب واللسانيات الادراكية ودراسات الترجمة ذاتها. فإذا كانت الدراسات في الموضوع قد تحركت فعلا إلا أن هذه الحركة ليست فيما نرى بالمستوى الذي بالامكان الوصول اليه. واستطيع أن أشير هنا الى بعض التطورات في بعض الميادين التي يمكن للدراسات حول الاستعارة والترجمة الافادة منها:

- دراسات الاستعارة: النظرية المعاصرة للاستعارة كما طورها لاكون وجونسون وترنر (3) التي ترى ان الاستعارة عملية ذهنية وأن ما نتعارف عليه بالاستعارة ليس إلا تعبيرا لغويا عن الاستعارة الذهنية. وهنا يمكن لدراسات الترجمة ان ترى كيف يمكن التعامل مع الاستعارة الذهنية من منظور الترجمة. بمعنى ان كانت الاستعارة أمرا ذهنيا وان اللغة ليست الا تعبيرا عن الذهن، فكيف يمكن أولا تحديد مشكلة الاستعارة في الترجمة، وكيف يتعامل المترجمون مع الاستعارة، أي هل تنتقل عبر الاستعارة مفاهيم ذهنية من لغة معينة الى لغة أخرى، أم أن الترجمة ليست إلا عملية احلال لتعابير لغوية موجودة ومتقبلة في لغة الترجمة بمعنى هل الترجمة ذهنية أم لغوية فقط ؟

- دراسات الترجمة: تطورت نظرية الترجمة في العقدين الأخيرين تطورا كبيرا يمكن الافادة منه في المباحث التي تتعرض للترجمة والاستعارة، فدعوة توري الى المنهج الوصفي في غاية الأهمية في هذا المجال. كذلك فإن دعوة كثير من الباحثين وخصوصا الالمان منهم الى الاهتمام بغرض الترجمة مهم جدا، حيث يمكن للباحث مثلا أن يدرس الاستعارة وارتباطاتها وعلائقها في النص الأصلي، ويقارن ذلك بوضع الاستعارة في النص المترجم، باعتبار الأخير نصا قائما في ذاته له مبررات وجود تختلف عن مبررات النص الأصلي في لغته الأصلية، ويمكن التركيز هنا على التفاعل بين غرض الترجمة ووضع الاستعارة فيها. كذلك يمكن للباحث أن يستفيد من تطور آخر في دراسات الترجمة وهو النظر الى الترجمة من ناحية ايديولوجية، من حيث ارتباط وضع الترجمة في ثقافة معينة بالوضع العام في تلك الثقافة، حين يستخدم النص المترجم لأغراض لا ترتبط بالترجمة ذاتها بل بالوضع الاجتماعي ومصالح المجموعات المختلفة في تلك الثقافة.

..................................................

الهوامش:

1- طبعا هذا لا يعني ان داجوت هو أول من كتب في هذا الموضوع، حيث سبقه الناقد العربي عبدالقادر الجرجاني الذي اشار الى الاستعارة في الترجمة في كتابه "اسرار البلاغة".

2- انظر العدد الثالث من مجلة «نزوى».

3- انظر كتاب جورج لاكوف ومارك جونسون «الاستعارات التي نحيا بها» وكتاب "نساء ونار واشياء خطيرة" لجورج لاكوف.

1- موقع الامام الشيرازي

2- البلاغ

3- إعداد د. سالم الخماش/ بلاغات

4- كوكب المعرفة

5- عبدالله بن علي بن سالم الرويشدي

6- موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن و السنة

7- عادل الثامري

8- عبدالله الحراصي/ مجلة نزوى

9- النقد الثقافي.. تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية/ ارثر ايزابرجر

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5 آب/2007 -21/رجب/1428